يمن الأحجية المبعثرة بلا حل في الأفق - الخبر اليمني

0 تعليق ارسل طباعة

كريتر نت – متابعات

يزيد انقسام القيادة السياسية اليمنية من تعقيد أفق الحل في اليمن. وتعاني الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من تضارب المصالح بين مكوناتها ما ينعكس سلبا على أي جهود للتسوية ويصب في نهاية المطاف في صالح المتمردين الحوثيين.

ويرى محللون أن أفضل طريقة لفهم الصراع اليمني الذي يبدو بلا حل تكمن في النظر إلى خريطة المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحوثيين.

ويُعتمد مصطلح الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا لوصف سلطة النظام التنفيذية، بما يشمل قيادته، ومجلس القيادة الرئاسي المكون من ثمانية أعضاء والحكومة بقيادة رئيس الوزراء. وهي تواجه معارضة داخلية.

وتقول الباحثة هيلين لاكنر في تقرير نشره موقع عرب دايجست إن رسم خريطة الفصائل ومناطق سيطرتها قد يساعد على فهم ديناميكيات الحكومة ومستقبلها المحتمل. وشهد اليمن قبل 1990 قيام دولتين هما الجمهورية العربية اليمنية والجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية الاشتراكية. لكن قصر الوضع اليمني على الـ”شمال” الذي يسيطر عليه الحوثيون والـ”جنوب” الذي تسيطر عليه الحكومة المعترف بها دوليا لا يعدّ سليما جغرافيا وحتى سياسيا.

ويمنح الانطباع بأن المنطقة التي يسيطر عليها الحوثيون تغطي ما كان يُعرف بالجمهورية العربية اليمنية قبل 1990 وأن المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليا تتطابق مع منطقة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة. لكن الخرائط تبرز الخطأ في هذا.

وتحتضن منطقة الجمهورية العربية اليمنية السابقة منطقتين رئيسيتين مرتبطتين بالحكومة المعترف بها دوليا. ويعدّ جزء من محافظة مأرب الشمالية الشرقية قاعدة لسلطان بن علي العرادة، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي المقرب من حزب الإصلاح الإسلامي، رغم خضوع أجزاء كبيرة من المحافظة لسيطرة الحوثيين.

ويسيطر عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح على السلطة في المنطقة الساحلية الجنوبية الغربية، بما في ذلك أجزاء من محافظتي الحديدة وتعز. ويمكن تلخيص سياساته بأنها تدعم وحدة الدولة اليمنية مع تفضيل دور قوي له في قيادة البلاد أو لابن عمه أحمد علي عبدالله صالح (نجل الرئيس السابق الذي اغتيل).

ويقود عضو مجلس القيادة الرئاسي، عبدالرحمن المحرمي، وهو زعيم سلفي، وقائد قوات العمالقة الفعالة عسكريا، جل المناطق المرتبطة بالحكومة المعترف بها دوليا (بخلاف حضرموت والمهرة).

لكن الأيديولوجية السلفية “الهادئة” غير السياسية التي تدعم بحكم تعريفها كل من يحكم رسميا تجعلنا نتساءل عن العزوف عن دعم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.

وتبقى محافظات لحج الوسطى والضلع والجزء الغربي من أبين، وكذلك مدينة عدن معقل المجلس الانتقالي الجنوبي.

ويدعو المجلس الانتقالي الجنوبي إلى العودة إلى حدود ما قبل 1990.

وكانت محافظة شبوة، التي تشمل الطريق الرئيسي من السعودية إلى عدن، محل نزاع بين الحوثيين وخصومهم حتى أواخر 2021 حين طردتهم القوات المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، بدعم من ألوية العمالقة .

ثم تقرر تعيين عوض العولقي محافظا لشبوة. وترك هذا المحافظة موقعا للصراع الصامت بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة المعترف بها دوليا.

◙ قصر الوضع اليمني على الـشمال الحوثي والـجنوب تحت سيطرة الحكومة الشرعية لا يعدّ سليما جغرافيا وحتى سياسيا

وتمتلك حضرموت الشاسعة الثروات البترولية والتجهيزات الضرورية لتصديرها. وشملت تاريخيا الهضاب ذات الكثافة السكانية المنخفضة شمال الوادي وجنوبه وعاصمتها سيئون، والمنطقة الساحلية وعاصمتها المكلا مع مينائها الرئيسي.

وشكلت هذه المنطقة على مدى السنوات الثلاث الأخيرة بؤرة للصراع بين الحكومة الاتحادية المعترف بها دوليا التي تسيطر على الوادي وجل الهضاب المحيطة والشريط الساحلي عبر قواتها جيدة التدريب والتي تنحاز إلى حد ما إلى المجلس الانتقالي الجنوبي.

وكان عضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء الركن فرج سالمين البحسني، محافظا وقائدا للمنطقة العسكرية الثانية عند تشكيل المجلس الرئاسي في أبريل 2022.

ولكنه عُزل من هذين المنصبين وتحالف مع المجلس الانتقالي الجنوبي.
وعزز بالتالي هذا الفصيل داخل مجلس القيادة الرئاسي.

وتظل منطقة “الوادي والصحراء” شبه مستقلة تحت قيادة نائب محافظ مسؤول، وتشكل قاعدة للمنطقة العسكرية الأولى التي يتهمها المجلس الانتقالي الجنوبي بأنها ذات ميول “شمالية” ويهيمن عليها حزب الإصلاح الإسلامي.

وامتد خلال السنوات الثلاث الماضية الصراع من أجل السيطرة على المحافظة في نفس الوقت بين الداخل، الذي يشمل المعبر الحدودي مع المملكة العربية السعودية، بقيادة الرئيس رشاد العليمي وأنصاره، والمناطق الساحلية الخاضعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.

وأنشأ كلا الجانبين اليمنيين “منظمات قبلية” تدعي أنها تمثل كامل المحافظة.

ودعم السعوديون إنشاء مجلس حضرموت الوطني سنة 2023 للتغلب على هذه المنافسات.
وكان هذا نموذجا يحاولون نسخه في محافظات أخرى.
وتشمل أسباب التعقيد في حضرموت أن السادة (أحفاد النبي) كانوا تاريخيا العنصر السياسي الأقوى في المحافظة.

لكن جل السكان يبقون من المزارعين من ذوي المكانة المتدنية، وليسوا من رجال القبائل.
ولا تمتلك القبائل القوة التي تطمح إليها بل تعتمد على حماية قوى خارجية.

والسبب الرئيسي الآخر هو أن جميع السكان في الأساس هم مخلصون لحضرموت أولا. ولا يريد أي منهم أن يحكمه طرف من عدن أو ما يشبه المجلس الانتقالي الجنوبي.

كما تعدّ حضرموت المحافظة الوحيدة في البلاد التي تتمتع بقاعدة اقتصادية كافية للاكتفاء الذاتي في حالة انقسام البلاد أكثر.

ومن أهم ميزات محافظة المهرة في أقصى الشرق هو موقعها على الحدود مع سلطنة عمان التي تريد الاحتفاظ بنفوذها، رغم المنافسة مع السعوديين والإماراتيين.

وتتحالف قيادة المهرة مع الحكومة المعترف بها دوليا وتتجنب الصراع مع الانفصاليين الجنوبيين. ولا تتمتع بممثل في المجلس التشريعي.

ولم تكن أي قوة عسكرية تدعم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي عند تعيينه في 2022.

وأنشأ السعوديون قوات الدرع الوطني (المرسوم الجمهوري رقم 18 لعام 2023) منذ ذلك الحين.
وجهزوها ومولوها لتنتشر في حضرموت وعلى طول الحدود مع السعودية وفي عدن.
كما يفتقر العضوان المتبقيان في المجلس، عبدالله العليمي (لا تجمعه علاقة صلة بالرئيس) من شبوة وعثمان مجلي من صعدة إلى القوات العسكرية.

وتكمّل هذا المجلس المنقسم حكومة رسمية بقيادة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك منذ فبراير من هذا العام، مع وزراء لا يتمتعون بسلطة كبيرة بسبب الوضع المالي المتردي. ويعملون من عدن تحت ضغط من المجلس الانتقالي الجنوبي أو يقضون جل وقتهم في الخارج. ويُدَهْوِر انقسام القيادة المستمر ظروف ملايين اليمنيين المعيشية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق