هل يساهم استيراد اللحوم الحمراء في الحفاظ على القطيع الوطني؟ - الخبر الان

0 تعليق ارسل طباعة

في ظل الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار اللحوم الحمراء في المغرب، لجأت الحكومة إلى استيراد اللحوم الطرية والمجمدة كخطوة تهدف إلى تخفيف الأعباء على القدرة الشرائية للمواطنين واستقرار السوق المحلية.

خطوة تأتي في وقت حساس، حيث يعاني القطيع الوطني من تراجع ملحوظ نتيجة سنوات الجفاف والضغوط المتزايدة التي يواجهها مربو المواشي، ورغم أن الاستيراد يُعد حلا سريعا للتخفيف من الأزمة الحالية، إلا أن التساؤلات تظل قائمة حول مدى قدرته على المساهمة في إعادة بناء القطيع الوطني وتعزيز استدامته.

ومع استمرار ذبح الإناث بشكل غير منظم، يواجه القطيع الوطني خطر المزيد من التدهور، مما يجعل الحاجة إلى استراتيجية متكاملة أولوية ملحة، فهل يمكن للاستيراد أن يشكل جزءًا من هذه الاستراتيجية أم أنه يظل مجرد إجراء مؤقت لتسكين الأزمة؟

في هذا الإطار أكد عبد الحق بوتشيشي، رئيس الجمعية الوطنية لتقنيي تربية المواشي، أن قرار استيراد اللحوم الطرية والمجمدة جاء كخطوة تهدف إلى مراعاة القدرة الشرائية للمواطنين، ومع ذلك، شدد بوتشيشي على أن بناء القطيع الوطني يحتاج إلى استراتيجية متكاملة مصحوبة بقرارات جريئة، أبرزها منع ذبح الإناث من القطيع المحلي، وتقديم دعم مباشر للكسابة باعتبارهم الركيزة الأساسية لهذا القطاع.

وأوضح بوتشيشي أن الاعتماد على استيراد اللحوم الجاهزة فقط يهدد استدامة الإنتاج الوطني، وله انعكاسات سلبية على المربين المحليين، مضيفا: “إذا تعرض القطيع العالمي لأي آفة، فماذا سيكون مصيرنا؟ هل سنبقى بدون لحم؟ لهذا يجب أن تعمل الدولة على حلول جذرية تبدأ ببناء قطيع وطني قوي ومستدام، بدلًا من الاكتفاء بحلول مؤقتة لا تحقق إلا استقرارًا محدود الأمد”.

وأشار بوتشيشي إلى أهمية إعادة النظر في الاستراتيجيات الحالية المتعلقة بالقطاع لضمان الحفاظ على السيادة الغذائية، خصوصًا مع التحديات المتزايدة التي تواجه المغرب في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة.

وشدد رئيس الجمعية على أن إعادة بناء القطيع الوطني يجب أن تكون أولوية لتحقيق الاكتفاء الذاتي مستقبلاً، موضحا أن الهدف الأساسي في الوقت الراهن يتمثل في تخفيف الضغط على القطيع الوطني، من خلال توفير كميات كافية من اللحوم لدى المجازر والمحلات المعتمدة، لكنه لفت إلى أن هذه الإجراءات لم تصل بعد إلى القرى النائية والأسواق الأسبوعية، حيث يستمر استنزاف القطيع المحلي لتلبية الطلب المتزايد، ما يتسبب في ذبح الإناث بطريقة عشوائية.

وفي حديثه عن دعم المربين، أوضح بوتشيشي أن الدعم يجب أن يكون شاملًا، بحيث لا يقتصر على السلالات المحسنة فقط، بل يشمل كل من يساهم في تربية وتجهيز المواشي، قائلا: “بناء قطيع قوي ليس مهمة قصيرة الأمد، بل يتطلب خطة تمتد إلى ما بين أربع وخمس سنوات”.

ودعا المتحدث إلى ضرورة الاستعداد للتظاهرات الكبرى مثل كأس إفريقيا وكأس العالم، عبر تحقيق نسبة اكتفاء ذاتي تصل إلى 80% على الأقل، معتبرًا أن ذلك يتطلب قرارات سياسية حازمة تضع مصلحة المربين في مقدمة الأولويات.

وفيما يتعلق بالميزانية المخصصة لاستيراد رؤوس الأغنام، أشار بوتشيشي إلى أن التجربة السابقة كانت غير موفقة باعتراف حكومي، ما يدعو إلى ضرورة اعتماد استراتيجية جديدة تركّز على دعم الكسابة الصغار وتحفيزهم للمساهمة في بناء قطاع مستدام وقادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وختم بوتشيشي تصريحه بالتأكيد على أن بناء القطيع الوطني هو حجر الأساس للحفاظ على الأمن الغذائي والسيادة الوطنية، داعيًا إلى اتخاذ خطوات عاجلة وفعالة في هذا الاتجاه.

هذا، ودخلت اللحوم الحمراء المستوردة مؤخرًا إلى الأسواق المغربية، لتطرح بأسعار تنافسية تتراوح بين 80 و89 درهمًا للكيلوغرام الواحد في المحلات التجارية الكبرى، وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود مواجهة الارتفاع الصاروخي الذي شهدته أسعار اللحوم المحلية، حيث تجاوزت مستويات غير مسبوقة تراوحت بين 110 و130 درهمًا، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ هذا الإجراء للتخفيف من عبء الغلاء على المواطنين وضبط السوق.

جدير بالذكر أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) أصدر قبل أسابيع قرارًا جديدًا، حدد قواعد استيراد اللحوم الحمراء الطازجة (المجمدة أو المبردة) إلى المغرب، حيث يأتي ذلك في إطار جهود الحكومة المغربية لضمان سلامة المنتجات الغذائية المتداولة في الأسواق، وحماية صحة المواطنين.

وحسب وثيقة رسمية صادرة عن المكتب، فقد حدد القرار قائمة البلدان المسموح باستيراد اللحوم الحمراء منها، فبالنسبة للحوم الضأن والماعز، يمكن استيرادها من جميع دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى ألبانيا، الأرجنتين، أستراليا، كندا، تشيلي، الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا العظمى، نيوزيلندا، روسيا، صربيا، سنغافورة، سويسرا، وأوروغواي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق