أفادت تقارير إعلامية بأن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يمثل نقطة تحول كبيرة، ليس فقط على الساحة السورية، بل يمتد تأثيره إلى مناطق أخرى، بما في ذلك منطقة شمال أفريقيا، حيث تشهد قضية الصحراء المغربية ديناميكيات معقدة بفعل تدخلات جهات إقليمية ودولية.
وقد شهدت سوريا خلال العقد الماضي تحولا إلى ساحة صراع دولية، ضمت أطرافا ذات أجندات متباينة، منها إيران، وحزب الله، وجماعات أخرى كجبهة البوليساريو، التي ارتبطت تقارير عديدة بمشاركتها في المعارك دعما لنظام الأسد. هذا التدخل، الذي أكده العديد من المراقبين وأشارت إليه تقارير مختلفة، يسلط الضوء على أبعاد جديدة لتورط الجبهة الانفصالية في أنشطة عسكرية، مما يثير تساؤلات عن مدى علاقتها بالأنظمة الداعمة لها، وعلى رأسها الجزائر.
في هذا السياق، تظهر الجزائر كلاعب رئيسي في توجيه ودعم البوليساريو، عبر تحالفها مع إيران وسوريا، وهو ما يثير تساؤلات حول الأهداف الاستراتيجية لهذا المحور. دعم جبهة البوليساريو لنظام الأسد في سوريا، تحت إشراف خبراء إيرانيين، لا يعكس فقط أبعاد التعاون العسكري، بل يحمل تداعيات مباشرة على الأمن الإقليمي، خاصة في ظل سعي الانفصاليين لاستغلال الخبرات الميدانية في استهداف الأراضي المغربية.
ويرى محللون أن سقوط نظام الأسد سيؤدي إلى تفكيك شبكات الدعم العسكري والسياسي التي استفادت منها البوليساريو، مما سيؤثر بشكل أسايي على استراتيجياتها. كما أن هذا التحول يفتح الباب أمام المجتمع الدولي لإعادة تقييم وضع الجبهة، ليس فقط كمشكلة إقليمية، بل كعامل زعزعة للاستقرار يمتد إلى خارج حدود الصحراء المغربية، مما يعزز الحاجة إلى تدخل دولي حاسم لحل هذا النزاع.
وفي هذا السياق، تناول المحلل السياسي، صبري لحو في تصريح لجريدة “العمق”، تأثيرات سقوط نظام بشار الأسد في سوريا على جبهة البوليساريو، مشيرا إلى أن هذا التحول في موازين القوى سيؤثر بشكل كبير على الجبهة في عدة مجالات.
وبحسب الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء، فقد كانت جبهة البوليساريو تعتمد بشكل أساسي على دعم نظام الأسد في سوريا، سواء عبر تزويدها بالأسلحة أو تدريب مسلحيها على أساليب حرب العصابات، وهو ما كشف عنه تقرير سابق للاتحاد الأوروبي حول “الطريقة التي يصل بها السلاح الناري إلى الجماعات الارهابية”، إذ وضح التقرير أن البوليساريو يتم تزويدها بالسلاح من جهات في الشرق الأوسط في إشارة إلى سوريا وحزب الله وإيران، وأشار إلى أن انهيار هذا النظام، ستكون جبهة البوليساريو أمام تحديات جديدة، حيث فقدت أحد أهم حلفائها في الشرق الأوسط.
وأضاف المتحدث أنه منذ سنوات، كان نظام الأسد قد قدم دعما مستمرا للبوليساريو، بما في ذلك تقديم التدريب العسكري المتخصص لميليشياتها، وتزويدها بالأسلحة والذخائر. وقال إن هذا الدعم كان يأتي في إطار تحالفات إقليمية مكنت البوليساريو من الاستمرار في مواجهة المغرب. ومع سقوط نظام الأسد، فإن هذا المورد العسكري سيتوقف، مما يضعف من قدرة الجبهة على تنفيذ عملياتها الإجرامية.
إلى جانب التأثير العسكري المباشر، يشير الرئيس العام لأكاديمية التفكير الاستراتيجي إلى أن انهيار الأسد يعني فقدان البوليساريو لداعم إقليمي كبير في الشرق الأوسط. مبرزا ما كان يقدمه الأسد من دعم سياسي وعسكري للجبهة بشكل علني، وكان يعبر عن هذا الدعم خصوصا بعد أحداث 2011 عندما استضاف المغرب اجتماعات المعارضة السورية في أراضيه. ونتيجة لهذا الموقف، أصبح النظام السوري أحد أكبر الداعمين للبوليساريو، عبر توفير السلاح والتدريب العسكري.
من جانب آخر، أكد لحو أن العلاقة بين جبهة البوليساريو وحزب الله اللبناني كانت محورية، حيث كان الحزب المدعوم من إيران يمد البوليساريو بالمزيد من الأسلحة والتدريبات العسكرية. مع تراجع دور حزب الله نتيجة للضغوط العسكرية والسياسية في المنطقة، وخصوصا مع تغير الأوضاع في سوريا، سيكون لذلك تأثير سلبي على البوليساريو التي كانت تعتمد على هذه الشبكة الإقليمية لدعمها اللوجستي والعسكري. وقال إن تدهور هذا الدعم يعني أن البوليساريو ستواجه صعوبة أكبر في الحصول على الأسلحة والتدريب العسكري الذي كانت تتلقاه.
وخلص الخبير ذاته إلى أن المغرب سيستفيد بشكل مباشر من تراجع دعم جبهة البوليساريو في المنطقة، حيث سيواجه البوليساريو تحديات كبيرة في تأمين السلاح والتدريب العسكري بعد انهيار النظام السوري وتفكيك شبكة دعمها الإقليمي. هذه المتغيرات تجعل من موقف المغرب أكثر قوة على الصعيد الإقليمي، حيث أصبح في موقع يسمح له بالتحرك بحرية أكبر في الساحة الدولية والدفاع عن سيادته في وجه التهديدات الأمنية التي تشكلها جبهة البوليساريو.
0 تعليق