أثار الفيلم السينمائي الأخير للمخرج والممثل المغربي سعيد الناصري ضجة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عقب طرحه على قناته الرسمية على موقع يوتيوب، حيث تمكن من تحقيق 18 مليون مشاهدة خلال 11 يوما.
وانقسم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بين مشيد بالعمل بسبب “جرأته وتطرقه لمواضيع اجتماعية تهم المواطن المغربي البسيط الذي يعاني من التهميش”، وبين منتقد وصفه بـ”الشعوبية ومحاولة صاحبه الركوب على مآسي الناس وارتداء قبعة الفنان المناضل بعد خلافه مع بعض المسؤولين عن الشأن الفني في السنوات الأخيرة، وفئة ثالثة وجهت سهام نقدها إلى ضعفه الفني على مستوى التصوير والإخراج والكتابة.
وصاحب عرض فيلم “نايضة” على يوتيوب ترويج عشرات الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإشاعات تفيد بأن الفنان سعيد الناصري تعرض للمحاربة والظلم بسبب نقله لصوت “البسطاء”، وأن أفلامه الأخيرة يتم التضييق عليها كان آخرها “نايضة” الذي تم منع من العرض في القاعات السينمائية والتلفزية، حسب قولهم، مستدلين على ذلك بمقاطع فيديو للقاءات إعلامية سابقة للناصري اشتكى فيها من الإقصاء.
وللوقوف على حقيقة الإشاعات المتداولة عادت جريدة “العمق” للوائح المشاريع الفنية التي استفادت من دعم المركز السينمائي المغربي من سنة 2002 وهو تاريخ أول تجربة سينمائية للفنان سعيد الناصري إلى حدود سنة 2024.
وأظهرت الوثائق التي اطلعت عليها “العمق” أن الجمهور المغربي شاهد سعيد الناصري خلال هذه السنوات في 12 فيلما بين سينمائي وتلفزي، وأنه استفاد من المال العمومي بثلاث صيغ، إما عن طريق دعم المركز السينمائي لأفلامه السينمائية، أو إنتاج القنوات الوطنية لأفلامه التلفزية، أو هما معا بعد شراء القنوات الوطنية لأفلامه السينمائية بعد عرضها في القاعات.
وفيما يلي جرد لأفلام سعيد الناصري السينمائية والتلفزية وفق تسلسلها الزمني ومبالغ الدعم التي حصلت عليها:
ولد الدرب (2002): سيناريو وبطولة وإنتاج سعيد الناصري _ لم يستفد من دعم المركز السينمائي، واشترت القناة الثانية حقوق بثه.
البانضية(2003): سيناريو وبطولة وإخراج سعيد الناصيري_ استفاد من دعم من المركز السينمائي بقيمة 100 مليون سنتيم، إضافة إلى شراء القناة الثانية لحقوق بثه.
كان يا مكان (2004): تأليف وإخراج سعيد الناصري_ استفاد من دعم من المركز السينمائي بقيمة 370 مليون سنتيم.
لعب مع الذئاب (2005): سيناريو وبطولة وإخراج سعيد الناصري وإنتاج قناة “دوزيم”.
عبدو عند الموحدين (2005): سيناريو وإخراج وبطولة سعيد الناصري_ استفاد من دعم بقيمة 320 مليون سنتيم، إضافة إلى شراء القناة الثانية لحقوق بثه.
مروكي في باريس (2008): سيناريو وبطولة وإخراج سعيد الناصري_ استفاد من دعم بقيمة 350 مليون سنتيم، إضافة إلى شراء القناة الثانية لحقوق بثه.
زوج للكراء (2008): سيناريو وبطولة وإخراج سعيد الناصري وإنتاج القناة الأولى
الخطاف (2010): سيناريو وبطولة وإخراج وإنتاج سعيد الناصري_ استفاد من دعم بقيمة 120 مليون سنتيم، إضافة إلى شراء القناة الثانية لحقوق بثه.
سارة (2014): سيناريو وبطولة وإخراج سعيد الناصري_ استفاد من دعم بقيمة 80 مليون سنتيم، إضافة إلى شراء القناة الثانية لحقوق بثه.
الحمالة (2015): سيناريو وبطولة وإخراج سعيد الناصري_ استفاد من دعم بقيمة 130 مليون، إضافة إلى شراء القناة الثانية لحقوق بثه.
أخناتون في مراكش (2019): سيناريو وبطولة وإخراج سعيد الناصري _ لم يستفد من دعم المركز السينمائي المغربي، لكن القناة الثانية (دوزيم) اشترت حقوقه بثه.
نايضة (2023): سيناريو وإخراج وبطولة سعيد الناصري_ لم يستفد من دعم المركز السينمائي المغربي.
وبالنظر إلى المعطيات الواردة أعلاه يتبين بأن 11 فيلما من أصل 12 كان الفنان سعيد الناصري ممثلا وكاتبا ومخرجا فيها وأحيانا منتجا قد استفاد من المال العمومي.
هل مُنع فيلم “نايضة” من القاعات السينمائية؟
جرى توزيع فيلم “نايضة” في القاعات السينمائية المغربية ابتداء من 25 أكتوبر 2023، ما يعني أنه حصل على موافقة عرضه في الصالات السينمائية من المركز السينمائي المغربي.
وحسب التقرير الصادر عن المركز السينمائي المغربي حول إيرادات الأفلام المغربية في القاعات السينمائية خلال سنة 2023، فقد احتل “نايضة” المرتبة الثالثة في قائمة الأفلام المغربية الأعلى دخلا حيث حقق إيرادات بلغت 4 ملايين و526 ألف درهم.
وفي هذا الصدد، نفى سعيد الناصري، الأنباء المتداولة حول منع “نايضة” من القاعات السينمائية، مشيرا إلى أنه لم يستفد من دعم المركز السينمائي لكنه حقق نجاحا كبيرا في السينما.
وقال سعيد الناصري، في تصريح لـ”العمق”، إنه لا يمكن لأي جهة أن تمنعه من القاعات السينمائية أوالتلفزيون بشكل مباشر لأن ذلك مخالف للقوانين، لافتا إلى أنه يتعرض لمضايقات ومنع غير مباشر من خلال التحجج بعد رفض تقديم الدعم له بأن اللجنة التي تدرس المشاريع لم تقبل به أو أنه يحتاج إلى أوراق معينة.
وأضاف سعيد الناصري، أن على مسؤولي التلفزيون أن لا يخضعوا الفنانين المعروفين والذين يملكون اسما كبيرا لدفاتر التحملات، وإنما الاتصال بهم وسؤالهم عن جديدهم لأن الجمهور يطلبهم، مشيرا إلى أنه يتم الترويج إلى أنه تقدم في السن وأصبحت أفكاره قديمة، لكن النجاح الذي حققه فيلم “نايضة” رسالة بأنه لازال بإمكانه العطاء، وفق تعبيره.
وتابع الناصري، أنه لا يفهم في السياسة وليست لديه أي ميول حزبية، ولم يتعرض لأي مضايقات بعد عرض فيلمه الذي أعجب عددا من المسؤولين والسياسين الذين شاهدوه، مضيفا أنه حول ما سمعه في الشارع والمقاهي إلى سيناريو، لكنه لم يقصد به حكومة معينة أو أسماء لأنه قام بكتابته عام 2012.
هل تسبب احتكار الناصري لـ3 وظائف في كل فيلم في حرمانه من الدعم مؤخرا؟
في جميع أفلامه التلفزية والسينمائية التي حصلت على الدعم العمومي عن طريق المركز السينمائي أو إنتاجها من القنوات الوطنية يتقاضى سعيد الناصري أجر 3 وظائف على الأقل وهو الأمر الذي يحرم شخصين من كسب رزقهم من ذات العمل، حسب بعض النقاد، الذين عبروا عن انزعاجهم من إصراره على التكفل بكتابة سيناريو أفلامه وإخراجها وأداء بطولتها، إضافة إلى تحصيله لعائد مالي 4 إذا كان هو المنتج، كما هو حال فيلم “الخطاف” على سبيل المثال.
وفي هذا الإطار، قال الناقد المغربي عبد الكريم واكريم، إن سعيد الناصري ليس هو الفنان المغربي الوحيد الذي يجمع بين الإنتاج والإخراج وكتابة السيناريو وحتى التمثيل أيضا بل العديد من السينمائيين المغاربة يجمعون بين أكثر من مهمة في أعمالهم السينمائية.
وقال عبد الكريم واكريم في تصريح لـ”العمق”،أنه في أغلب الأحيان تأتي النتيجة سيئة وعلى حساب العمل المنجز، إذ لا يتأتى لأي كان المزاوجة بين الإخراج وكتابة السيناريو، أما الإنتاج فهو اختصاص قائم الذات بدوره يدرس في المعاهد السينمائية.
وأضاف واكريم، أنه يلاحظ أن كثيرا من الأعمال السينمائية المغربية تشكوا من ضعف في الكتابة الدرامية وفي بناء الشخوص وتطورها، وهذا راجع لاستسهال أصحابها مسألة الكتابة التي هي اختصاص صعب وأغلب من تفوقوا فيه آتون من الأدب بالخصوص، فيما هؤلاء يبدون عن جهلهم التام بمكونات الكتابة الدرامية ويتطفلون على ما ليسوا أهلا له، وفق تعبيره.
واعتبر ذات المتحدث، أن هناك قلة قليلة يمكن لها أن تزاوج بين الكتابة والإخراج، لأنهم مخرجون أصحاب رؤية ولديهم تكوين متعدد بحيث يخرجون أفلامهم كما يمكن للكاتب أن يؤلف رواية جيدة.
وتابع واكريم، أن أغلب من يرتمون على الإنتاج والإخراج وكتابة السيناريو يفعلون ذلك لأسباب مادية خالصة كي يوفروا مايمكن أن يقتسموه مع أصحاب هذه المهام، مشيرا إلى أن الأعمال الضعيفة تتحدث عن نفسها وهي كالأكلات السريعة قد يتجاوب معها جمهور ليس له ذوق فني رغم كثرته، خصوصا عبر اليوتيوب حيث ليس هناك مقابل مادي يدفعه مقابل مشاهدتها، لكنها تنسى سريعا جدا ولن يتذكرها أي أحد بعد مرور وقت قصير، وفق تعبيره.
0 تعليق