اعتبر عضو لجنة الحق في الحصول على المعلومات، حسن التايقي، أن هذا الحق الدستوري يمثل ركيزة أساسية لتعزيز الشفافية والديمقراطية التشاركية، مشيرًا في الوقت نفسه إلى وجود تحديات ثقافية وإدارية تعيق ممارسته بشكل فعّال.
وأوضح التايقي في حوار مع جريدة “العمق” أن “ثقافة الكتمان والسرية السائدة في الإدارة العمومية المغربية تمثل عقبة رئيسية أمام تحقيق هذا الحق، مما يستدعي تعزيز ثقافة الانفتاح والشفافية”.
ويرى المتحدث ذاته، أن الحق في الحصول على المعلومات يمثل حجر الزاوية لتعزيز الشفافية في تدبير الشأن العام، وهو ما نص عليه دستور 2011. كما بيّن أن هذا الحق يُمكن المواطنين من الاطلاع على المعطيات المتعلقة بالبرامج والسياسات العمومية، مما يتيح لهم المشاركة الفعّالة في إعدادها وتقييمها.
وأضاف ضو لجنة الحق في الحصول على المعلومات، أن هذا الحق يعزز مبدأ الديمقراطية التشاركية الذي نص عليه الفصل الأول من الدستور، إذ لا يمكن تحقيق مشاركة مواطنة حقيقية دون توفير المعلومات الدقيقة والموثوقة.
البعد الحقوقي والدستوري
أوضح التايقي، أن الحق في الحصول على المعلومات “ليس مجرد امتياز، بل هو حق دستوري وحقوقي يرتبط بالمواطنة الفاعلة والمشاركة الديمقراطية”.وأكد أن هذا الحق يُمكّن المواطنين من المساهمة في صياغة الحلول المناسبة لتحسين جودة السياسات العامة، وهو جزء لا يتجزأ من منظومة القيم الديمقراطية التي يقوم عليها تدبير الشأن العام.
وأشار المتحدث نفسه، إلى أن الفصل 27 من الدستور المغربي يُكرّس هذا الحق، معتبراً إياه الجسر الذي يربط بين المواطنين والجمعيات من جهة، ومؤسسات الدولة من جهة أخرى، لافتا إلى أن الجماعات الترابية، على وجه الخصوص، لا يمكنها تحقيق قربها من المواطنين أو إنجاح برامجها التنموية دون اعتماد آليات تشاركية تستند إلى توفير المعلومات اللازمة.
تحديات ثقافية وإدارية
وتطرق التايقي، في معرض حديثه إلى جريدة “العمق”، إلى التحديات التي تعيق ممارسة الحق في الحصول على المعلومات، وأبرزها الثقافة الإدارية التقليدية القائمة على الكتمان والسرية.وأوضح أن هذه الثقافة تُعتبر من إرث الإدارة المغربية القديمة، ما يجعل تجاوزها يتطلب مجهودًا مضاعفًا لنشر ثقافة الشفافية والانفتاح.
وأشار إلى أن الإدارات العمومية لا تزال مترددة في نشر المعلومات بشكل استباقي، رغم أن القانون 31.13 يلزمها بذلك.وأكد أيضا أن تعزيز وسائل النشر الإلكتروني وتكوين الموظفين العموميين على التعامل مع طلبات المعلومات يمكن أن يُسهم في تحسين الوضع.
مراجعة الإطار القانوني
واعتبر التايقي، أن القانون المنظم للحق في الحصول على المعلومات رغم أهميته، إلا أنه يضع قيودًا واسعة النطاق على هذا الحق، مثل الاستثناءات المرتبطة بأسرار الدولة والأمن الوطني وحماية المعطيات الشخصية، داعيا في المقابل إلى تضييق نطاق هذه الاستثناءات وتعزيز الإتاحة.
كما طالب بمراجعة القانون لتوسيع قائمة المعلومات التي تُنشر بشكل استباقي، مما يقلل من الحاجة إلى تقديم طلبات للحصول عليها.وشدد على ضرورة أن تتحول لجنة الحق في الحصول على المعلومات من إصدار التوصيات إلى اتخاذ قرارات ملزمة، مما يضمن تطبيقًا أكثر فعالية للقانون.
مراقبة الأداء الحكومي
وأكد التايقي أن منظمات المجتمع المدني لا يمكنها أداء دورها الرقابي أو التشاركي دون الحصول على المعلومات اللازمة، معتبرا أن هذا الحق يمثل أداة أساسية لتمكين هذه المنظمات من مراقبة الأداء الحكومي والمساهمة في تحسينه.
أما بالنسبة للجماعات الترابية، فأوضح أن توفير المعلومات يُمكّن المواطنين من المشاركة الفعلية في إعداد وتنفيذ البرامج التنموية، مما يعزز قرب هذه الهيئات من السكان ويُسهم في إنجاح مبادراتها التنموية.
تكريس ثقافة الشفافية
اختتم التايقي مداخلته بالتأكيد على أن تعزيز ثقافة الحق في الحصول على المعلومات يتطلب جهودًا مشتركة من الترويج والتكوين، إضافة إلى دور أكبر لمنظمات المجتمع المدني والإعلام.
كما دعا إلى تعزيز صلاحيات لجنة الحق في الحصول على المعلومات لضمان مواجهة الامتناع عن تقديم المعلومات، مما يسهم في تعزيز الشفافية والانفتاح في تدبير الشأن العام بالمغرب.
0 تعليق