دعا محامون مغاربة بهيئات بالمملكة وأخرى أجنبية إلى الاستعجال في مراجعة الظهير المتعلق بتعويض ضحايا السير الصادر سنة 1984، بعدما بينوا بتفصيل أن هذا النص القانوني “الشائخ” بات “عاجزا” عن جبر الضرر وإنصاف الضحايا، بسبب “هزالة” التعويضات التي تقدمها لفائدتهم شركات التأمينات، فضلا عن بصم هذه الأخيرة على “تأخرات متكررة في تنفيذ الأحكام الصادرة بهذا الشأن”.
وتوسل هؤلاء المحامون الذين كانوا يتحدثون ضمن ندوة نظمها قطاع المحاماة بحزب التقدم والاشتراكية، الخميس، تحت عنوان “القانون المتعلق بتعويض ضحايا حوادث السير.. ظهير 1984: حان وقت التعديل”، بأمثلة كثيرة تبرز “تناقض هذا النص؛ بحيث يعوّض عن الوفاة بمبلغ أقل مما يعوض به عن الضرر البدني”، فضلا عن “كونه خارج السياق الدستوري؛ إذ يقر تعويضات متفاوتة في الحادثة ذاتها حسب طبيعة احتسابها حادثة شغل أم حادثة سير”.
“شجاعة الحكومة؟”
حسن بيراوين، نقيب سابق بهيئة المحامين بالدار البيضاء، تمسك بداية بنفي “كون إخراج قطاع التأمين من الأزمة المالية التي كان يعاني منها جراء التعويضات المالية الكبيرة التي كان يحكم بها القضاة في قضايا حوادث السير، هو سبب نزول ظهير 1984، بل (السبب) هو الاختلالات المالية التي عرفتها شركاته”، مضيفا أن “السبب الثاني هو إملاءات صندوق النقد الدولي آنذاك، التي ساهمت في قرار المغرب إيقاف جميع التوظيفات المالية في ما يتعلق بالجانب الاجتماعي، وذلك نتيجة الأزمة الخانقة التي كان يمر منها”.
وأوضح بيراوين في مداخلته خلال الندوة ذاتها أنه “طيلة 40 سنة على صدور هذه الظهير، وتحديدا خلال ولايات الحكومات الأربع الأخيرة، كان كل المسؤولين الحكوميين يتفاعلون مع الأسئلة الشفوية المطروحة عليهم بشأنه بالتأكيد أن وقت تعديله قد حان”، مستدركا بأن “السؤال الحقيقي هنا هول: هل لدى الحكومة الشجاعة والقوة لأن تقوم بهذا التعديل في ظل الضغوط الكبيرة المفروضة من طرف شركات التأمين لمنعه؟”.
واستحضر في هذا الشأن أن “وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، سمعنا أنه سيعقد لقاءات مع شركات التأمين، ولكن فقط كما هو لافت من أجل إيجاد توافقات وتوازنات بين حقوق الضحايا وشركات التأمين”.
النقيب السابق سجّل أنه “في وقت تستمر شركات التأمين في حصد أرباح كبيرة، دون أن تقدم على استثمارات مفيدة للدولة، مازال الحيف في حق المغاربة ضحايا حوادث السير الذين يفقدون موارد رزقهم”، موردا أن “هؤلاء لا يتمتعون بالمحاكمة العادلة، وليس هناك توازن بين حقوقهم وشركات التأمين؛ إذ منذ الحادثة يواجهون مساطر صعبة جدا أمام القضاء، ويتحملون مصاريف بالغة لأداء ثمن الخبرة وغيرها، رغم أن شركات التأمين هي من تؤدي هذه المبالغ في الدول الأوروبية، عدا عن صعوبة مساطر التنفيذ، وما يتخللها من تأخر الشركات في التنفيذ سنوات طوال دون تحمل فوائد أو الصائر”.
0 تعليق