فيلم "ماء العين" للمخرجة التونسية مريم جعبر، الذي عرض لأول مرة في تونس ضمن المسابقة الرسمية الدولية للأفلام الروائية الطويلة في الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية، يطرح أسئلة وجودية عميقة حول الأمومة، الهوية، والتضحية في مواجهة التطرف والإرهاب. يدور الفيلم في إحدى القرى الساحلية في الشمال التونسي، حيث تعيش "عائشة" مع زوجها وابنها حياة هادئة، إلا أن عودة ابنها "مهدي" من سوريا برفقة زوجة غامضة بعد انضمامه إلى تنظيم "داعش"، تثير توتراً داخل الأسرة وتعيد فتح جروح الماضي.

يتسم الفيلم بالجمالية البصرية التي تحمل العديد من الرموز والدلالات العميقة. من خلال استخدام الظلال والألوان الموحية، تقدم المخرجة حالة نفسية متقلبة لشخصياتها، حيث تعكس الظلال كثافة التوتر والمخاوف الداخلية. التباين بين الألوان الداكنة مثل الأزرق الرمادي والبني الداكن والأحمر القاتم يعكس صراع الشخصيات الداخلية والمشاعر العميقة للألم والغضب.

أما في ما يتعلق بالشخصيات، فـ"عائشة" تجسد الأمومة في أسمى معانيها، حيث تجد نفسها في صراع مستمر بين حبها الغريزي لابنها مهدي والتحديات التي تطرحها أفعاله. ومع تقدم الأحداث، يبدأ الفيلم في طرح تساؤلات حول علاقة الأم بمبادئها الأخلاقية في مواجهة التهديدات التي يسببها التطرف على الأسرة والمجتمع.

يُظهر الفيلم التطرف وتأثيره المدمر على الروابط الإنسانية، مشيراً إلى صراع الهوية والانتماء، ويُختتم بمشهد رمزي شجرة ملتوية تعكس الصراع الداخلي لشخصية "عائشة" في محاولتها فهم الماضي والتصالح معه.

"ماء العين" هو أول فيلم روائي طويل لمريم جعبر، التي سبق لها أن فازت بأكثر من 75 جائزة دولية لفيلمها القصير "إخوان" الذي تم ترشيحه لجائزة الأوسكار.

   تابعونا على ڤوڤل للأخبار