اشتكى مستشارون جماعيون، ممن وضعوا شكايات ضد رؤساء وقعوا في شرك الفساد المالي والإداري، من بطء وتأخر الأبحاث التمهيدية، في ملفات طالها النسيان، ولم تعرف طريقها الصحيح.
وفتح قضاة التحقيق ببعض محاكم جرائم الأموال ملفات عشرة رؤساء جماعات جدد، أحدهم من إقليم سيدي قاسم، والثاني من إقليم تازة، والباقون (ثمانية) موزعون بالتساوي بين أقاليم تطوان وقلعة السراغنة والخميسات وبركان.
وذكرت «الصباح»، نقلا عن مصدر قضائي، أن التحقيقات التي بوشرت مع الرؤساء العشرة، لا علاقة لهم بتقارير المجلس المجلس الأعلى للحسابات، بل تتعلق بتفويت والمصادقة وحيازة أراض لا تقع ضمن النفوذ الترابي للجماعات، التي يسيرونها، والتوقيع على صفقات دون احترام المساطر القانونية، والنفخ في فواتير «المازوط»، والتلاعب في مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وسجل مستشارون من المعارضة، وإحدى الجمعيات التي تعنى بحماية المال العام، الذين كانوا وراء الدعاوى القضائية، بناء على أبحاث أجرتها المفتشية العامة للإدارة الترابية، تأخر الأبحاث التمهيدية بخصوص مجموعة من ملفات الفساد المالي، وعدم اتخاذ قرارات بشأنها، رغم طول أمدها، والنماذج كثيرة لا تعد ولا تحصى.
ورصد مهتمون بملفات الفساد نفسها، ضعف ومحدودية الأحكام القضائية الصادرة في قضايا الفساد والرشوة، التي لا تتناسب وخطورة الجرائم المرتكبة، مع طول الإجراءات القضائـية وتجاوزها للحدود المعقولة.
وطالبت أصوات تعنى بحماية المال العام، المؤسسات الدستورية المعنية، بإجراء افتحاص شامل وعميق للصفقات العمومية، التي أبرمت خلال فترة انتداب الرؤساء السابقين، والحاليين، الذين قضوا نحو ثلاث سنوات في التسيير، مع ترتيب كل الجزاءات القانونية المناسبة.
وأكدت المصادر نفسها غياب إرادة سياسية حقيقية لمواجهة الفساد والرشوة والريع، في ظل استمرار الإفلات من العقاب، وسط استمرار لوبي ومراكز الفساد في عرقلة كل المبادرات، الرامية إلى تخليق الحياة العامة، كما هو الشأن بالنسبة إلى تجريم الإثراء غير المشروع والإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
وما فتئت عدة أصوات حقوقية تعنى بحماية المال العام، رغم ما تتعرض له من هجوم، تنبه لـخطورة ازدواجية العدالة في مواجهة المفسدين وناهبي المال العام.
والمؤكد، رغم صدور تقارير رسمية ترصد واقع الفساد، فإنه مازال يتمدد، ويصادر فرص التنمية المتاحة، ويساهم في ارتفاع نسب الفقر والهشاشة وتعميق الشعور بالظلم.
وبينما أثارت الأصوات نفسها، ما أسمته خطورة استمرار التوزيع غير العادل للثروة والتفاوت المجالي بين المناطق والجهات، طالبت في الوقت ذاته، القضاء بـتحمل مسؤوليته كاملة في التصدي للإفلات من العقاب، ومحاربة الفساد والرشوة ونهب المال العام، واتخاذ قرارات جريئة، بشأن ذلك.
0 تعليق