كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، عن مجموعة من التحديات التي يواجهها قطاع التعليم العالي الخاص في المغرب، خاصة فيما يتعلق بتفعيل العقوبات والإجراءات التصحيحية، مسجلا أن المرحلة الحالية تشكل فرصة مهمة لتصحيح المخالفات التي يشهدها القطاع، سواء عبر اتخاذ الإجراءات التصحيحية أو تفعيل العقوبات الزجرية، إلا أن الوزارة لم تفعل هاتين الآليتين بما فيه الكفاية مما أدى إلى استمرار وتكرار الممارسات المخالفة وعدم تكريس الممارسات الفضلى في القطاع.
ومن بين القضايا التي أثارها التقرير، في عهد الوزير السابق لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي، عدم وجود إطار مرجعي دقيق للمراقبة، ما جعل التقارير التي تصدرها الوزارة والجامعات تفتقر إلى الدقة والوضوح. إذ تتضمن هذه التقارير تعبيرات غامضة مثل “لا بأس بها” أو “تحتاج إلى تحسين”، مما يعوق القدرة على تحديد المخالفات بدقة.
تعطيل العقوبات
ونبه المجلس، إلى أن الوزارة لم تضع مساطر واضحة لتوظيف تقارير المراقبة الإدارية والبيداغوجية، مما يعني غياب متابعة فعالة للمخالفات المتكررة التي تؤثر على جودة التكوين. بالإضافة إلى ذلك، أكد التقرير على التأخير الكبير في تبليغ المخالفات للمؤسسات المعنية، حيث يتجاوز هذا التأخير في بعض الأحيان أربعة أشهر، ما يعطل اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب.
ومن جانب آخر، أكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، لم تتخذ خطوات جادة لضمان تنفيذ التوصيات التي ترد في تقارير المراقبة البيداغوجية، ولم تتعاون بشكل كافٍ مع الجامعات لبرمجة مهمات مراقبة متابعة لتنفيذ هذه التوصيات.
وفيما يتعلق بالعقوبات الزجرية، كشف التقرير عن غياب تفعيل آليات فرض العقوبات المالية على المؤسسات المخالفة، رغم أن القانون يخول للوزارة سلطة فرض هذه العقوبات على المالكين أو الموظفين الإداريين.
ولفت المصدر ذاته، إلى أنه رغم تسجيل مخالفات واضحة مثل ممارسة بعض الأشخاص للإدارة البيداغوجية دون استيفاء الشروط القانونية، أو عدم قيام بعض المؤسسات بالمهام الإدارية بشكل منتظم، لم تتخذ الوزارة أي إجراءات عملية بحق هذه المخالفات. كما لم تُصدر النصوص التطبيقية الضرورية لتنفيذ العقوبات، مما يعكس غياب الاستجابة القانونية الكافية للمشاكل المسجلة.
“مخالفات جسيمة”
أما فيما يتعلق بسحب تراخيص مؤسسات التعليم العالي الخاصة، فقد أشار التقرير إلى أن الوزارة لم تفعل هذه الآلية رغم وجود “مخالفات جسيمة”، مثل المؤسسات التي تم إغلاقها لفترات طويلة أو التي لم تفتح أبوابها رغم حصولها على الترخيص. وأوضح أنه في القوت الذي أوصت فيه الوزارة بسحب التراخيص من المؤسسات التي لا تلتزم بالقوانين، إلا أن إجراءاتها في هذا الصدد كانت بطيئة وغير فعالة، حيث اكتفت بإرسال رسائل تذكير للمؤسسات المخالفة دون اتخاذ خطوات ملموسة لحل المشكلات.
كما كشف التقرير عن غياب الإجراءات التصحيحية العاجلة التي كان من المفترض اتخاذها فور اكتشاف المخالفات، إذ كانت الوزارة تتأخر في اتخاذ القرارات الضرورية لتصحيح الوضع، مما يضر بسير العملية التعليمية في هذه المؤسسات. ونبه التقرير إلى أن غياب النصوص التنظيمية الواضحة قد أثر سلبا على فعالية الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة، مما جعل آثار هذه الإجراءات محدودة مقارنة مع حجم المخالفات المسجلة على أرض الواقع.
وشدد التقرير على ضرورة أن تعمل الوزارة على تفعيل الإجراءات التصحيحية والعقوبات الزجرية بشكل أكثر فعالية. كما دعا إلى وضع نصوص تنظيمية دقيقة تضمن تنفيذ العقوبات وتحسين مراقبة القطاع. إن التزام الوزارة بتطبيق هذه الإجراءات بشكل صارم سيكون له أثر إيجابي كبير على جودة التعليم العالي الخاص في المغرب، وسيسهم في تحسين صورة المؤسسات التعليمية الخاصة وضمان احترامها للمعايير الأكاديمية.
0 تعليق