موطني ليس سلحفاة للذبح …نزار شقرون - الخبر اليمني

0 تعليق ارسل طباعة

15 ديسمبر، 20:45

متى يتوقف سيل تعطيل الحياة في موطني؟ ومتى يكفّ بعض الناس عن قبر ما تبقّى من ذاكرة؟
يتردد في هذه الأيام خبر “ردم جزء من المدخل البحري لشاطئ القراقنة” بما يشبه فصل القلب عن شريانه! وهو ما يعني عملية مؤجلة لردم كامل الحوض مستقبلا. لنبيّن أنّ “شاطئ القراقنة” ليس مجرد مكان لحوض بحري في قلب المدينة، وليس مجرّد جزء من ذاكرة أجيال رأت بأمّ عينها رسوّ المراكب على رصيفه واستحضرت عمليات بيع السمك وأهازيج الصيادين، وتملّت مشهد السلحفاة البحرية خارج الكتاب المدرسي.
إننا لا ننظر إلى ما تبقّى من المكان بلوثته الحالية باعتباره طللا، يستوجب وقفة بكائية أو شاهدا على طفولة تستريح في طيّ الزمان، وإنما نرى في المكان جزءا من تراث بحري وخزانا لسيرة مدينة، وممكنا لمنطقة سياحية جاذبة.
أتخيل كيفَ يُردم هذا المكان ليتحول في نصوصي إلى مجرد مكان خيالي، وقد ذكرته شعرا ونثرا، وكيف يتبخّر في الماضي. وأندهش كيف تسعى مدن أقلّ ثراء ثقافي من مدينتنا آلى المحافظة على تراثها وأحيانا إلى “اصطناع” تراث وتقاليد بينما نتخلى بكلّ ارتجال عن تراثنا، وندفن شوقنا للحياة بأيدينا
طيلة عقود، تعبنا من التنديد بوجود مدينة ساحلية بلا بحر، وحين سقط النظام تبيّن لنا أن ما سقط ليس غير قالب النظام ولكن عداوة صفاقس والتنكيل بها بحرمانها من البحر ومن “حوض بحري” شبيه بنافذتها المتوسطية هو استرسال في معاقبة المتساكنين، هل ينبغي أن تبقى صفاقس في اللاشعور السلطوي ” لعنة الله” وقرعة العطش” وكأنها مدينة موبوءة لا يحق لأهلها أن ينعموا بجودة الحياة، بل بالحياة!
وأشقّ ما في الأمر أن ما سيحدث يشبه لحظة ذبح سلحفاة بحرية تمهلت في السير إلى حتفها، فمتى يتوقّف النزيف؟ ومتى يعي المسؤولون قبل غيرهم بأنهم “حراس” ذاكرة المدينة وليسوا دعاة لطمسها؟
لنكن ضميرا مواطنيا حيا، حتى لا يأتي يوم نكون فيه عرضة لهجاء الأجيال القادمة، والأهم حتى لا نخون مدينتنا.

أخبار ذات صلة

0 تعليق