تستعد العلاقات المغربية-السورية لدخول منعطف جديد مع التحولات السياسية التي تشهدها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد وصعود المعارضة إلى الحكم. هذه التغيرات تفتح آفاقًا لإعادة بناء العلاقات بين البلدين، خاصة بعد المواقف العدائية التي تبناها النظام السابق تجاه قضية الصحراء المغربية، وتوجهه نحو تعزيز علاقاته مع النظام العسكري الجزائري.
وفي ظل التحولات الجيوسياسية العميقة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، والتي تشمل تقليص نفوذ إيران وحلفائها في المنطقة، تبدو هذه التطورات فرصة سانحة لإعادة ترتيب التحالفات الإقليمية. ويرى مراقبون أن سقوط نظام الأسد يمثل ضربة لمحور الجزائر-إيران، ما قد يسهم في إضعاف الدعم الذي كانت تقدمه سوريا السابقة لأطروحات الانفصال في الصحراء المغربية، ويفتح الباب أمام تعاون جديد يخدم المصالح المشتركة للدول العربية.
مع سقوط نظام بشار الأسد وصعود المعارضة السورية إلى الحكم، تبرز تساؤلات حول طبيعة العلاقات المغربية-السورية في المرحلة المقبلة، فهل ستشهد هذه العلاقات صفحة جديدة تقوم على التعاون والتفاهم، أم أن إرث الماضي بما يحمله من مواقف عدائية للنظام السابق تجاه قضية الصحراء المغربية سيظل عائقًا أمام بناء شراكة متوازنة؟
طموحات السلم
المختص في العلاقات الدولية، حسن بلوان، أكد أن المملكة المغربية حرصت دائمًا على مد جسور التواصل مع الدول العربية، انطلاقًا من إيمانها الراسخ بأهمية الإجماع العربي وتجنب التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مستدركا بالقول أن نظام الأسد، سواء خلال فترة حكم حافظ الأسد أو بشار الأسد، انتهج سياسات تعاكس طموحات السلم والاستقرار التي طالما دعت إليها الرباط، مما أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين.
وأوضح بلوان أن المغرب كان موفقًا في مواقفه تجاه الأزمة السورية، سواء خلال قمع النظام للشعب السوري بعد اندلاع الثورة، أو عند محاولات بعض الدول العربية إعادة النظام إلى الجامعة العربية، وقد ظل المغرب متحفظًا، مستندًا إلى مبادئ حقوق الإنسان ودعم الشعب السوري في تقرير مصيره، بالإضافة إلى رفضه للمواقف العدائية التي اتخذها النظام السوري تجاه قضية الصحراء المغربية، حيث دعم النظام السوري خصوم المغرب، متقربًا من الجزائر وإيران.
وأضاف الخبير ذاته، أن إسقاط الشعب السوري لنظام بشار الأسد وفضح ممارساته في المعتقلات، يتيح فرصة جديدة لإعادة بناء العلاقات المغربية-السورية على أسس مختلفة، مسجلا أن المغرب، المعروف بمواقفه المتزنة والداعمة للشعوب العربية، قد حافظ على صورته الإيجابية لدى الشعب السوري، سواء خلال فترة الثورة أو بعدها.
مستقبل العلاقات
وأكد بلوان أن مستقبل العلاقات بين البلدين سيعتمد على الحكومة السورية الجديدة التي ينبغي أن تكون منتخبة وتُمثل جميع أطياف الشعب السوري، مع التزامها بعلاقات متوازنة وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، معتبرا أن أي حكومة مقبلة ستكون أفضل من النظام السابق، مشيرًا إلى عمق العلاقات بين الشعبين والدعم الذي قدمته الرباط لسوريا خلال محنتها.
وتوقع محلل العلاقات الدولية، أن تشهد المرحلة المقبلة عودة السفارة المغربية إلى دمشق، ما يمثل خطوة مهمة لتعزيز التعاون بين البلدين، معربا عن تفاؤله بمستقبل العلاقات الثنائية، خاصة في ظل تغير توجهات القائمين على الشأن السوري نحو رفض التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهو تطور إيجابي بالنظر إلى مركزية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب.
وخلص بلوان، إلى التأكيد على أن الدبلوماسية المغربية تواصل العمل بصمت لترسيخ التعاون مع سوريا في إطار رؤية شاملة تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
جدير بالذكر أن وزيرالشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقمين بالخارج، ناصر بوريطة، صرح قبل أيام، بأن المغرب يتابع عن كثب التطورات المهمة والمتسارعة التي تشهدها سوريا، معربًا عن أمله في أن تسهم هذه التغيرات في تحقيق الاستقرار للشعب السوري وتلبية تطلعاته.
وأكد بوريطة، أن المواقف المغربية، التي تأتي بتوجيهات من الملك محمد السادس، كانت دائمًا داعمة للحفاظ على وحدة سوريا الترابية وسيادتها الوطنية، بالإضافة إلى وحدة الشعب السوري. وأشار إلى أن هذه المواقف تمثل مبدأ ثابتًا للمملكة المغربية.
0 تعليق