في خطوة تعكس تحولا كبيرا في مواقف الاتحاد الأوروبي تجاه قضية الصحراء المغربية، وجه البرلمان الأوروبي “ضربة موجعة” للنظام الجزائري وحليفه جبهة البوليساريو، برفضه تشكيل مجموعة “الصحراء الغربية”.
القرار، الذي يأتي بعد عقدين من وجود المجموعة داخل البرلمان الأوروبي، يمثل “نكسة دبلوماسية” للنظام الجزائري، الذي لم تفلح ضغوطه المكثفة ولوبياته اليسارية المتطرفة في تحقيق أهدافه، ومع توالي الإخفاقات على الساحة الدولية، يبدو أن استراتيجية الجزائر القائمة على استغلال المؤسسات الأوروبية باتت تتهاوى أمام الحقائق الجديدة ومواقف دول الاتحاد الداعمة لسيادة المغرب.
المحلل السياسي، والمختص في قضية الصحراء، اعتبر أن هذا القرار يُعد إفشالا لمحاولة اختراق جديدة من طرف خصوم المغرب داخل واحدة من أبرز الهيئات الأوروبية، التي طالما سعى هؤلاء لتوظيفها لتقويض الشراكة المتينة التي تجمع المملكة المغربية بالاتحاد الأوروبي.
ووفقًا لـ محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، فإن خصوم المغرب اعتادوا استغلال مجموعات سياسية ضيقة داخل البرلمان الأوروبي، تشمل بعض النواب المحسوبين على اليسار الراديكالي أو اليمين المتطرف، بالإضافة إلى كيانات انفصالية ذات مواقف أيديولوجية متجاوزة تعود إلى فترة الحرب الباردة.
وأضاف المتحدث ذاته، أن هذه المحاولات تواجه الآن فشلًا متكررًا، بفضل تغير مواقف صانعي القرار الأوروبيين وتوجهات البرلمان الأوروبي، التي باتت تتماشى مع التطورات الإقليمية والدولية.
وأشار عبد الفتاح، إلى أن التحولات الأخيرة في مواقف العديد من الدول الأوروبية، خاصة أعضاء الاتحاد الأوروبي، تعزز الاعتراف العملي بالسيادة المغربية على الصحراء، إذ أن دول مثل فرنسا وإسبانيا، بحكم علاقاتهما التاريخية مع المنطقة، إلى جانب دول محورية مثل ألمانيا وبلجيكا، أصبحت تدعم المغرب بشكل متزايد، مضيفا أن “عدد الدول المؤيدة للموقف المغربي داخل الاتحاد الأوروبي تجاوز العشرين، مما يمنح المغرب أغلبية داعمة، ويمهد الطريق نحو موقف أوروبي موحد لصالح السيادة المغربية”.
وأوضح عبد الفتاح أن الاتحاد الأوروبي يعتمد بشكل كبير على المغرب في مجموعة من القضايا الاستراتيجية، تشمل الاستثمار والتبادل التجاري والتعاون الأمني، لا سيما في ملفات مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، كما أن المملكة تعتبر بوابة أساسية نحو القارة الإفريقية، بفضل مبادراتها الإقليمية الرائدة، مثل مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري، الذي يُتوقع أن يعزز الربط القاري ويوفر فرصًا جديدة للتعاون الاقتصادي بين إفريقيا وأوروبا.
وأكد المحلل السياسي، أنه وعلى الرغم من المحاولات المتكررة من الجزائر للضغط على الاتحاد الأوروبي، باستخدام ورقة الغاز وفرض عقوبات اقتصادية على دول مثل فرنسا وإسبانيا، إلا أن هذه المحاولات لم تُفلح في تغيير مواقف الاتحاد الأوروبي الداعمة للمغرب.
وأشار المحلل السياسي، إلى أن توسع رقعة التأييد داخل الاتحاد الأوروبي يعكس الأدوار الحيوية التي تلعبها المملكة في المنطقة، مما يعزز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، متوقعا أن يستمر هذا الدعم المتزايد في التأثير إيجابيًا على مواقف الاتحاد الأوروبي الرسمية تجاه قضية الصحراء، مما يكرس مكانة المغرب كشريك استراتيجي موثوق به.
هذا، وتعتبر المجموعات البرلمانية في البرلمان الأوروبي، وفقاً للمادة 35 من النظام الداخلي، فضاءات مفتوحة للتفاعل والتبادل الحر حول قضايا محددة، فهي تتيح لأعضاء البرلمان فرصة فريدة لمناقشة الأفكار وتبادل وجهات النظر مع نظرائهم من مختلف التوجهات السياسية، ومع ممثلي المجتمع المدني. ينضم النواب إلى هذه المجموعات بحرية تامة، بناءً على اهتماماتهم الشخصية ورغبتهم في المساهمة في مناقشات حول قضايا معينة، سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.
0 تعليق