الخبير الاقتصادي جمال عويدي ... هناك خلل في طريقة احتساب العجز التجاري
ووفقًا لتقرير المعهد الوطني للإحصاء، ارتفع العجز التجاري إلى 16.76 مليار دينار، مقارنة بـ 16.54 مليار دينار في نفس الفترة من العام الماضي. كما أشار التقرير إلى تحسن طفيف في قدرة تونس على تغطية وارداتها من خلال الصادرات، حيث ارتفعت التغطية بنسبة 0.1% لتصل إلى 77.3% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
تحليل الخبير الاقتصادي جمال عويدي
وفي تعليقه على هذه الأرقام، أشار جمال عويدي إلى أن الطريقة المتبعة في احتساب العجز التجاري في تونس تحتوي على بعض العيوب. وأوضح أن المشكلة تكمن في إدراج المعاملات التي تقوم بها الشركات غير المقيمة والمصدرة كليًا ضمن الحسابات، حيث يتم احتساب المواد الأولية المستوردة عبر هذه الشركات كجزء من واردات تونس، بينما يتم احتساب صادراتها كجزء من صادرات تونس.
وأضاف عويدي أن هذه الطريقة، التي تم اعتمادها منذ عام 2008، لا تعكس الحقيقة بشكل دقيق، حيث أن المواد الأولية التي تستخدمها هذه الشركات لا تُدفع لها أموال من تونس، كما أن العائدات الناتجة عن تصدير هذه المنتجات لا تعود إلى تونس، حيث إن ملكية هذه البضائع تعود إلى شركات أجنبية.
وتابع الخبير الاقتصادي أن صندوق النقد الدولي قد انتقد هذه الطريقة في عامي 2009 و2010، وتم الاتفاق على استبعاد المنتجات التي تتعامل معها الشركات غير المقيمة من الحسابات الخاصة بالعجز التجاري، لكن هذا النظام لم يُطبق بعد في تونس.
وأشار عويدي إلى أن الرقم الحقيقي للعجز التجاري في تونس قد يكون أعلى بكثير من الأرقام الرسمية، حيث قد يصل إلى حوالي 30 مليار دينار (أي 10 مليارات دولار) بدلاً من الأرقام المعلنة.
دور الشركات غير المقيمة
تحدث عويدي أيضًا عن دور الشركات غير المقيمة التي تعمل في تونس، موضحًا أن هذه الشركات، التي تمثل حوالي 40% من السوق، تستورد المواد الأولية، تعالجها محليًا، ثم تصدر المنتجات الجاهزة. ولكن العائدات الناتجة عن هذه العمليات لا تعود إلى تونس.
وأضاف أنه وفقًا للسياسات المعتمدة من قبل البنك المركزي التونسي، لا تُطلب من هذه الشركات إعادة الإيرادات إلى تونس، نظرًا لأن ملكية البضائع تعود إلى شركات أجنبية، ما لم يتم بيع هذه المنتجات داخل تونس.
مشكلة الشفافية
أوضح عويدي أن النظام الحالي يعاني من نقص في الشفافية، وأنه في حال تم تطبيق النظام الصحيح، الذي يستثني الشركات غير المقيمة والمصدرة كليًا من الحسابات، فإن الصورة الحقيقية للعجز التجاري ستكون أكثر دقة ووضوحًا. ورغم مطالبة العديد من الجهات بتغيير هذا النظام، إلا أنه لم يتم تطبيقه حتى الآن.
الآثار الاقتصادية
وأكد عويدي أن النظام المعتمد حاليًا يُخفي الصورة الحقيقية للعجز التجاري، مما يمنع تونس من فهم تدفقات العائدات من التجارة بشكل دقيق. كما أشار إلى أن الشركات الأجنبية تستفيد من إعفاءات ضريبية ودعم حكومي كبير، لكن تونس نفسها لا تحصل على استفادة كافية من القيمة المضافة الناتجة عن هذه العمليات.
وفي ختام الحوار، شدد الخبير الاقتصادي على ضرورة معالجة هذه القضايا لضمان أن تونس تستفيد بشكل كامل من استثمارات الشركات الأجنبية، ليس فقط من خلال توفير الوظائف ولكن أيضًا من خلال ضمان الحصول على حصتها العادلة من القيمة المضافة التي تحققها هذه الصناعات.
0 تعليق