أفاد مكتب الصرف في نشرته الأخيرة أن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج شهدت تطوراً ملحوظاً، حيث بلغت 100,29 مليار درهم متم شهر أكتوبر 2024، بزيادة قدرها 3,9% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ما يعكس دورها الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني، كما يعزز استقرار العملة الوطنية ويعكس الثقة المستمرة في الاقتصاد المغربي رغم التحديات الاقتصادية العالمية.
من جهة أخرى، سجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب نمواً كبيراً، حيث بلغ صافي التدفق 19,5 مليار درهم متم أكتوبر 2024، بزيادة ملحوظة بلغت 61,6% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
هذا الارتفاع يثير تساؤلات حول مدى تأثير الميثاق الجديد للاستثمار في جذب هذه الاستثمارات، وهل يمكن للمغرب الحفاظ على هذا الزخم في المستقبل في ظل التحديات الاقتصادية العالمية؟
في هذا الإطار، أكد المحلل الاقتصادي، علي الغنبوري، أن المعطيات التي كشف عنها مكتب الصرف تعكس الديناميكية الاقتصادية التي يشهدها المغرب في الآونة الأخيرة، كون أن المملكة تحقق تطوراً ملحوظاً في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي سجلت ارتفاعاً تجاوز 60% مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يُعزى إلى تنفيذ الميثاق الجديد للاستثمار الذي أطلقته الحكومة.
جذب الاستثمارات
وأوضح المحلل الاقتصادي، في حديثه لجريدة “العمق”، أن الميثاق يشمل مجموعة من التحفيزات والإجراءات التي تسهل جذب الاستثمارات، سواء من خلال المنح القطاعية أو الترابية أو المشتركة التي تقدم تحفيزات مادية تصل في بعض الحالات إلى أكثر من 30% من حجم الاستثمار الإجمالي، ما خلق ديناميكية إيجابية عززت من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المغرب.
وأضاف الغنبوري أن تفعيل الميثاق الجديد للاستثمار كان العنصر الرئيس وراء هذا الارتفاع في الاستثمارات، معتبرا أن الديناميكية التي يخلقها تنزيل النموذج التنموي الجديد تُعتبر من العوامل الأخرى التي تفسر هذا النجاح، خاصة في مجالات التوجهات الصناعية، حيث تم إنشاء العديد من المناطق الصناعية بين 2022 و2024، وهو ما عزز مكانة المغرب كمقصد رئيسي للاستثمار الأجنبي.
وأشار المتحدث ذاته، إلى وجود عوامل أخرى أسهمت في هذا الارتفاع، مثل الأوراش الكبرى التي يشهدها المغرب، والمواعيد الاستراتيجية الهامة مثل كأس إفريقيا وكأس العالم التي تتطلب تعزيز البنية التحتية وتجهيزات ضخمة ما منح الشركات العالمية فرصاً استثمارية ضخمة في المغرب، ما يعكس ديناميكية اقتصادية قوية داخل المملكة.
وسجل الغنبوري، أن المخططات القطاعية التي تشهدها المملكة، خاصة في مجالي الماء والطاقة كان لها نصيب في هذا التطور، مبرزا أن المغرب أصبح يمتلك رؤية متكاملة في هذين المجالين، حيث تساهم مشاريع تحلية مياه البحر والطاقة المتجددة في توفير فرص استثمارية هائلة، مؤكدا أن المغرب يمتلك مشروعاً طموحاً للهيدروجين الأخضر الذي يشمل أكثر من مليون هكتار مخصصة لهذه المشاريع، بالإضافة إلى البنية التحتية التي تم تطويرها لدعم الطاقات المتجددة.
نمو تحويلات الجالية
وفيما يتعلق بتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، شدد الغنبوري على أن هذه الديناميكية شهدت نمواً ملحوظاً منذ جائحة كورونا، حيث تجاوزت التحويلات لأول مرة 100 مليار درهم في 2022، ووصلت إلى 115 مليار درهم في السنة الماضية، مع توقعات بأن تتجاوز 120 مليار درهم هذا العام، موضحا أن هذه الزيادة تأتي في إطار الإصلاحات التي تبنتها المملكة لتعزيز الروابط الاقتصادية مع مغاربة المهجر، داعياً إلى استثمار هذه التحويلات بشكل أكبر في المشاريع التنموية.
وأضاف أن التحويلات القادمة من مغاربة المهجر يمكن أن تشهد مزيداً من التحسن في المستقبل، خاصة بعد دعوة الملك محمد السادس في خطاباته الأخيرة إلى إعادة هيكلة المؤسسات الخاصة بالجالية المغربية، وإنشاء مؤسسات جديدة تهدف إلى تعزيز الاستثمارات وتحفيز المغاربة المقيمين بالخارج على المساهمة بشكل أكبر في الاقتصاد الوطني.
وخلص المحلل الاقتصادي، علي الغنبوري تصريحه بالتأكيد على أن هذه الديناميكية الاقتصادية سيكون لها انعكاس إيجابي على النمو الاقتصادي للمغرب، وستسهم في تعزيز المسلسل التنموي الذي يشهده البلد في مختلف المجالات.
جدير بالذكر أن العجز التجاري، تفاقم بنسبة 5,2 في المائة ليبلغ 249,83 مليار درهم، خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2024، مبرزا، أن هذا التطور يشمل ارتفاع كل من الواردات من السلع (زائد 5,8 في المائة إلى 623,37 مليار درهم)، والصادرات (زائد 6,2 في المائة إلى 373,54 مليار درهم).
0 تعليق