تفاقم مديونية المغرب.. خبير اقتصادي يفكك الأسباب ويحذر من رهن الأجيال القادمة - الخبر اليمني

0 تعليق ارسل طباعة

شهدت المديونية الخارجية للمغرب ارتفاعا كبيرا بنسبة 153% خلال 13 عاما الماضية، لتصل إلى 69.2 مليار دولار، وهو ما يعادل نصف الدخل القومي الإجمالي للمملكة. ووفقا لتقرير البنك الدولي، سجلت الديون زيادة سنوية بنحو 6.6% في العام الماضي، مع تركز الجزء الأكبر منها في القروض طويلة الأجل التي تمثل 70%، بينما بلغت القروض قصيرة الأجل نحو 10 مليارات دولار، إضافة إلى 3.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

وترافق هذا الارتفاع مع زيادة تكلفة خدمة الدين، حيث دفع المغرب 1.4 مليار دولار في عام 2023، بزيادة قدرها 29% عن العام السابق. كما ارتفعت أسعار الفائدة المفروضة من المقرضين الدوليين، حيث تجاوزت 6% لدى القطاع الخاص، بينما قفزت معدلات الفائدة الرسمية إلى أكثر من 4%، مقارنة بمتوسط 1.5% في الفترة بين 2019 و2022، ما يثقل كاهل الميزانية العامة للدولة.

ويتماشى هذا الوضع مع اتجاه عالمي شهدته البلدان النامية التي أنفقت مبلغا قياسيا قدره 1.4 تريليون دولار لخدمة ديونها في ظل ارتفاع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ 20 عاما. ووفقا للبنك الدولي، وصلت مدفوعات الفوائد إلى 406 مليارات دولار، ما أثر على الإنفاق في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم، خاصة في البلدان الأشد فقرا التي تكافح لسداد ديونها وسط أزمة اقتصادية عالمية متفاقمة.

وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي محمد جدري في تصريح لجريدة “العمق” أن المشكلة لا تكمن في الاستدانة بحد ذاتها، بل في نوعية الاستثمارات التي تنجز بأموال القروض. وأوضح أن المغرب يتبنى رؤية اقتصادية طموحة تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد ليصبح أكثر إنتاجا للثروة، وقادرا على خلق قيمة مضافة وفرص شغل مستدامة.

وأشار جدري إلى أن الأوراش الكبرى التي انخرطت فيها المملكة تشمل قطاعات حيوية كالبنية التحتية من طرق سيارة وسريعة، والموانئ والمطارات، والطاقة المتجددة، والفوسفاط، والسياحة، والصناعة التقليدية، وصناعة السيارات والطائرات والنسيج والجلد وخدمات “الأوفشورينغ”. هذه القطاعات تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة لا يمكن توفيرها إلا من خلال ثلاثة مصادر: الخزينة العامة للدولة عبر الضرائب، أو القطاع الخاص الذي لا تزال مساهمته محدودة، أو المؤسسات الدولية عبر القروض.

وأضاف انه رغم التقرير الأخير للبنك الدولي الذي أشار إلى ارتفاع المديونية المغربية إلى أكثر من 153 %، فإن الاستدانة ليست مشكلة في حد ذاتها، بل تكمن في فعالية الاستثمارات التي تُنجز بهذه الأموال. واستشهد بمؤشر “ICOR” الذي يقيس مردودية الاستثمارات العمومية، مشيرا إلى أن المغرب لا يزال متأخرا عن المعدل العالمي. إذ يتطلب الأمر استثمارا يعادل 6 نقاط من الناتج الداخلي الخام لتحقيق نقطة نمو إضافية، وهو ما يستدعي إعادة النظر في كيفية توجيه الاستثمارات.

ودعا الخبير الاقتصادي إلى التركيز على الاستثمارات ذات المردودية المرتفعة التي تخلق قيمة مضافة وتساهم في الاندماج المحلي، معتبرا أن هذه المقاربة هي الحل الأمثل لتجنب رهن الأجيال القادمة بأعباء ديون لا تعود بالنفع المباشر على الاقتصاد الوطني. وأكد أن المشاريع الاستثمارية ينبغي أن تكون قادرة على خلق الثروة وفرص الشغل، خاصة لفئة الشباب المغربي، لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وعادلة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق