أعلن وزير العدل، عبداللطيف وهبي، عن توجه المملكة المغربية نحو الإلغاء التدريجي لعقوبة الإعدام، في خطوة تعكس التزام البلاد بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. واعتبر هذا القرار بمثابة انعكاس للتقدم الكبير الذي أحرزته المملكة في مجال حماية حقوق الإنسان، حيث صرح بأن الحكومة ستصوت لأول مرة لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، مما يمثل خطوة تاريخية نحو تعزيز ثقافة حقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والدولي.
وأوضح وهبي أن المغرب لم ينفذ عقوبة الإعدام منذ عام 1993، وأن التصويت المنتظر في 15 دجنبر الجاري يعكس التزام المملكة بعدم تنفيذ هذه العقوبة طيلة فترة التصويت، والتي تمتد لسنتين. وأشار إلى أن المملكة كانت قد امتنعت عن التصويت على قرارات مماثلة في السنوات السابقة، لكن منذ عام 2020 أبدت دعما للتعديلات المتعلقة بهذه القضية، في خطوة تعكس التفاعل الإيجابي مع توصيات الآليات الأممية.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العديد من الدول خطوات مماثلة في مسار إلغاء أو تعليق عقوبة الإعدام، مما يضع المغرب أمام تساؤلات حقوقية بشأن تأثير هذا القرار على الممارسة المحلية. في هذا السياق، رحب حقوقيون بالقرار باعتباره خطوة نحو تحسين سجل حقوق الإنسان في المملكة، فيما أبدى البعض توجسهم من تحول القرار إلى مجرد بهرجة إعلامية.
قرار يتماشى مع الدستور
وحول القرار، صرح محمد رشيد الشريعي، رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، بأن انضمام المغرب إلى الدول التي تؤيد قرار وقف تنفيذ عقوبة الإعدام عالميا يعد مكسبا حقوقيا طال انتظاره. وأضاف أن هذه الخطوة، التي طالبت بها الحركة الحقوقية الديمقراطية واللجان المعنية، هي انتصار لكل الأصوات التي نادت بضرورة إلغاء عقوبة الإعدام، والتي تتعارض مع دستور 2011 ومع الحق في الحياة المعترف به في المواثيق الدولية.
وأشار الشريعي في تصريح أدلى به لجريدة “العمق” إلى أن تنفيذ عقوبة الإعدام في المغرب توقف منذ التسعينات، ما يعكس تحولا نحو إلغائها بشكل تدريجي بما يتماشى مع روح الدستور المغربي ومع القوانين الكونية التي تُعتبر الحق في الحياة أمرا مقدسا.
وتعليقا على تصريح وزير العدل حول التوجه نحو الإلغاء التدريجي لعقوبة الإعدام، قال الشريعي إن هذا القرار يعكس انسجاما مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، ويعزز السعي إلى تعديل السياسة الجنائية الحالية بهدف إلغاء عقوبة الإعدام من المنظومة القانونية. وأضاف أن هذا الموقف يتماشى مع أسمى قانون في المغرب، وهو الدستور، ومع روح المواثيق الدولية التي اعتمدها المغرب في ديباجته.
وفي ختام تصريحه، أكد الشريعي أن مطلب إلغاء عقوبة الإعدام هو مطلب حقوقي كوني يعزز الحق في الحياة، مشيدا بانضمام المغرب إلى الدول المؤيدة لهذا القرار. كما شدد على ضرورة إشراك الحركات الحقوقية الديمقراطية في مناقشة المشاريع القانونية المستقبلية، بما يتماشى مع الدستور المغربي والمواثيق الدولية، مؤكدا أن هذا الحوار هو خطوة أساسية نحو بناء دولة المؤسسات القائمة على التشاور والاستماع الجاد لمطالب جميع الأطراف المعنية.
خطوة تحمل تساؤلات
وفي السياق ذاته، تلقى رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، ادريس السدراوي، إعلان وزير العدل المغربي بخصوص موقف المملكة من إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام بتوجس، وذلك في سياق التوجه العالمي نحو إلغاء هذه العقوبة.
وفي تصريح خص به جريدة “العمق”، أشار رئيس الرابطة إلى أن إعلان المغرب عن موافقته على هذا القرار، الذي سيتم التصويت عليه خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 دجنبر الجاري، يعد خطوة هامة لكنها تحمل بعض التساؤلات.
وأوضح السدراوي أن التصويت على القرار، رغم كونه غير ملزم للدول، يتطلب من المغرب الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، والذي يضمن الوقف الكامل لعقوبة الإعدام. وأكد أنه في حال التصويت لصالح القرار دون الانضمام إلى هذا البروتوكول، فإن هذا سيعني أن المغرب لا يتماشى مع قراراته السابقة، ما قد يؤثر سلبا على مصداقيته الدولية.
وأشار المتحدث إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى فقدان المغرب بعض حلفائه داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، معتبرا أن التصويت على هذا القرار قد تكون له تداعيات سياسية على المستوى الدولي. ولفت إلى أن السياسة الحقوقية في المغرب لا يجب أن تكون مجرد ردود فعل ظرفية، بل يجب أن تكون مبنية على حوار وطني موسع يشارك فيه جميع الفاعلين المعنيين من جمعيات حقوقية وهيئات رسمية ونقابات وخبراء. وأكد أن هذا الحوار هو السبيل لتحديد الأهداف الواضحة وآليات التنفيذ التي تضمن تحقيق دولة حقوق الإنسان.
0 تعليق