بعد سقوط نظام الأسد.. هل تنجح “بلاد الشام” في طي عقود الاستبداد؟ - الخبر اليمني

0 تعليق ارسل طباعة

يشهد الوضع السوري مرحلة فارقة في تاريخه، بعد سقوط نظام بشار الأسد الذي حكم البلاد بقبضة من حديد لسنوات طويلة، ما أسفر عن مقتل آلاف الأبرياء وتهجير ملايين المواطنين، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية والمنازل، وقد تسببت تلك السنوات “العجاف” في تشريد الآلاف من الأسر وتيتيم الأطفال، ما خلف جراحًا عميقة في قلب دولة الياسمين.

تحول مفصلي يفتح الباب أمام تغييرات جذرية على كافة الأصعدة، المحلية والإقليمية والدولية. ومع تزايد قوة الجماعات المسلحة، لا سيما هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، والتي أصبحت القوة المسيطرة على الأرض، يبرز التساؤل الأكبر، هل ستنجح سوريا في تفادي مصير مأساوي مشابه لما حدث في ليبيا أو أفغانستان؟

المشهد السوري الآن يبدو ضبابياً، لا سيما في ظل غياب أي رؤية واضحة حول الانتقال السلمي للسلطة، وبالتالي فإن مستقبل البلد يعتمد على عوامل عدة، أبرزها قدرة السوريين على إيجاد حلول وسط لتجنب المزيد من الدمار والانقسام.

في هذا الإطار، أكد خبير الشؤون الاستراتيجية مولاي هشام معتضد، أن سقوط نظام الأسد في سوريا سيُحدث تأثيرات استراتيجية كبرى على منطقة الشرق الأوسط، بالنظر إلى التداخلات السياسية والجيوسياسية المعقدة.

تحالفات جديدة

وأوضح المتحدث ذاته،  أن هذا الحدث سيؤدي إلى إعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية، حيث ستفقد القوى التي دعمت النظام، مثل إيران وروسيا، نفوذها الاستراتيجي في سوريا، ما يفتح المجال لتحالفات جديدة قد تعيد توزيع النفوذ بين الدول الإقليمية، كتركيا، دول الخليج، وحتى إسرائيل، ما سيضعف من النفوذ الإيراني في المنطقة بشكل كبير، مما سيؤثر على مسار التوترات الطائفية والصراعات الإقليمية.

وأضاف معتضد، أن انهيار النظام قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الأمني والسياسي في دول الجوار، لاسيما في لبنان والعراق، خاصة وأن هذه الدول تعتمد بشكل كبير على استقرار سوريا، إذ هنالك مخاوف من استغلال الجماعات المسلحة والفصائل المختلفة الفراغ الأمني لإعادة تنظيم صفوفها، ما يخلق تهديدات جديدة للمنطقة برمتها، سواء من خلال الإرهاب أو النزاعات الحدودية.

حل النزاعات

سقوط النظام حسب الخبير السياسي، قد يعيد إحياء دور الجامعة العربية في محاولة حل النزاعات وإعادة بناء سوريا، مما قد يمنح الدول العربية فرصة للتدخل بشكل بناء بعيداً عن التدخلات الأجنبية، وهو ما قد يؤديإلى تحسين العلاقات بين الدول العربية وفتح باب للمصالحة الإقليمية.

واعتبر المتحدث نفسه، أن هذه التغييرات قد تنعكس على قضية اللاجئين السوريين، حيث سيُطرح سؤال حول عودتهم ودور المجتمع الدولي في دعم إعادة إعمار سوريا، والنجاح في هذا الملف قد يكون مؤشراً لمستقبل الاستقرار في المنطقة، في حين أن الفشل سيُبقي التوترات قائمة.

الوضع الحالي في سوريا أثار مخاوف العديد من المهتمين بشؤن الشرق الأوسط بشأن تكرار سيناريوهات العديد من الدول التي تعرضت لنوع من الانقسام وعدم الاستقرار بعد الربيع العربي وعلى رأس هذه البلدان ليبيا.

هذا، وتظل الأسئلة المحورية حول مستقبل سوريا قائمة، في ظل واقع معقد يواجهه الشعب السوري بعد سنوات من الحرب والدمار، فهل سيكون هناك انتقال سلمي للسلطة يمكن أن يساهم في شفاء جراح الحرب الأهلية، ويُطوي صفحة حكم استبدادي شمولي دام أكثر من نصف قرن؟

خطة مصالحة وطنية

هشام معتضد، أكد في تصريح لـ “العمق”، أنه ومن أجل تجنب تكرار السيناريو الليبي، يجب أن تركز سوريا على استراتيجية متكاملة لإعادة بناء الدولة والمجتمع، أولها وجوب تشكيل حكومة انتقالية شاملة تمثل جميع أطياف المجتمع السوري، بما في ذلك المعارضة والنظام السابق، دون استبعاد أي طرف مؤثر، معتبرا أن هذه الخطوة أساسية لخلق مناخ سياسي مستقر ولتجنب الانقسامات التي يمكن أن تؤدي إلى صراعات داخلية مستمرة.

وأورد المتحدث ذاته،  أن تجنب مثل هذه السيناريوهات يتطلب وضع خطة مصالحة وطنية تركز على معالجة جروح الحرب وإعادة الثقة بين مكونات المجتمع، ويجب أن تشمل هذه الخطة آليات للعدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب، إلى جانب توفير تعويضات للضحايا وإعادة دمج الفصائل المسلحة ضمن هياكل الدولة.

وعلى المستوى الدولي، شدد الخبير السياسي على أهمية استفادة سوريا من الدعم الدولي لإعادة الإعمار دون السماح بتحويل البلاد إلى ساحة للتنافس بين القوى الكبرى، إذ يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دوراً إيجابياً من خلال فرض آليات رقابة صارمة على المساعدات وإلزام الأطراف المحلية والدولية بمبادئ احترام سيادة الدولة السورية.

وخلص خبير الشؤون الاستراتيجية، هشام معتضد، إلى أن التركيز على إعادة بناء الاقتصاد والبنية التحتية سيكون أمراً حاسماً، إذ على الحكومة المستقبلية أن تضع أولويات لتوفير فرص العمل، تحسين الخدمات الأساسية، وإعادة بناء المدن المدمرة، علاوة على ذلك فإن مشاركة جميع السوريين في هذه الجهود ستعزز الوحدة الوطنية وتقلل من احتمالية العودة إلى الصراع.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق