تشهد قضية الصحراء المغربية دينامية غير مسبوقة على المستوى الدولي، معززة بمواقف متزايدة الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007، والتي باتت حجر الزاوية في أي مقاربة سياسية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء.
القرار الجديد الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي يدعم المسار السياسي تحت الإشراف الحصري لمجلس الأمن، يجسد استمرار الاعتراف الدولي بهذه الدينامية، ويعزز منطق الواقعية والتوافق الذي يتبناه المغرب في مقاربته للنزاع.
في ذات السياق، فإن القرار الجديد حسب مهتمين بقضية الصحراء يعكس انحسار الطروحات المتجاوزة التي كانت تعتمدها الأطراف الأخرى، لا سيما مقترح الاستفتاء الذي أصبح خارج النقاش الأممي، كما أكد القرار أهمية التعاون الكامل مع الأمين العام للأمم المتحدة، مشيدًا بالإجراءات التي اتخذها المغرب لتعزيز الاستقرار والتنمية في أقاليمه الجنوبية.
في هذا الإطار أكد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في تصريح لـجريدة “العمق”، أن القرار الأممي الأخير يمثل انتصارًا جديدًا للدبلوماسية المغربية، حيث يعزز أولوية مقترح الحكم الذاتي باعتباره الحل الأمثل للنزاع المفتعل حول الصحراء. مشيرا إلى تراجع الطروحات الانفصالية أمام الإجماع الدولي المتزايد على دعم سيادة المغرب ومبادراته الواقعية.
وأوضح رئيس المرصد أن القرار الأخير الصادر عن الأمم المتحدة يكرس المقاربة العقلانية والواقعية التي تبنتها المنظمة الدولية في التعامل مع النزاع حول الصحراء المغربية، إذ أشاد القرار بمبادرة الحكم الذاتي، التي وُصفت مجددًا بأنها جدية ومصداقية وذات أولوية، كما أن المبادرة المغربية أصبحت تحظى بإجماع دولي واسع، ما يبرز أنها الخيار الوحيد القادر على إنهاء النزاع المفتعل.
وأضاف المتحدث أن القرار الأممي أجهض محاولات الخصوم الرامية إلى إعادة إحياء مقترحات سياسية متجاوزة، مثل الاستفتاء، الذي أصبح من الماضي ولم يعد حاضرًا في قرارات مجلس الأمن أو تقارير الأمين العام أو توصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي سياق التأييد الدولي، أبرز سالم عبد الفتاح أن أكثر من 112 دولة أعلنت دعمها لمبادرة الحكم الذاتي وسيادة المغرب على صحرائه، من بينها 30 دولة افتتحت بعثات دبلوماسية في مدينتي العيون والداخلة، وهو ما يعكس تحولًا كبيرًا في المواقف الدولية تجاه النزاع، حيث تتبنى الدول الكبرى، مثل فرنسا، الولايات المتحدة، وإسبانيا، مواقف داعمة للطرح المغربي.
وأشار المحلل السياسي إلى أن القرار الأممي يعبّر عن انسجام مواقف مختلف الهيئات الدولية بشأن النزاع المفتعل، حيث تعتبر مبادرة الحكم الذاتي الأساس الوحيد لأي مفاوضات، كما أنه يقطع الطريق أمام المقترحات الانفصالية الراديكالية، التي باتت غير متماشية مع الشرعية الدولية.
وأردف المهتمة بقضية الصحراء أن المملكة المغربية واصلت لعب دور ريادي على الساحة الدولية، بفضل المبادرات التي يقودها الملك لتعزيز التعاون الإقليمي، خاصة في إفريقيا الأطلسية ومنطقة الساحل، مسجلا تعزز هذه الدينامية بالاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وتبني مواقف مماثلة من دول أوروبية، مما أدى إلى انحسار الدعم للطرح الانفصالي وتفكك المعسكر الداعم له.
وتابع المتحدث أن الدور الذي يلعبه المعسكر الانفصالي أصبح مكشوفًا، حيث يتقاطع مع أنشطة تهدد الأمن والاستقرار، مثل الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب البشر، مشيرا إلى العلاقات التي تربط الجبهة الانفصالية بجماعات مسلحة في منطقة الساحل، ما يبرز افتقارها إلى المصداقية على الصعيد الدولي.
وخلص رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان إلى أن القرار الأممي الأخير يمثل دليلًا إضافيًا على انتصار المقاربة المغربية، كما يعكس تزايد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، في مقابل تراجع الطرح الانفصالي، ما يؤكد أن الحل الواقعي والنهائي للنزاع المفتعل يكمن في السيادة المغربية على كامل أراضيها.
0 تعليق