اعتبر الباحث في الشأن الديني والحركات الإسلامية، إدريس الكنبوري، أن اتهام الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق حول “علمانية الدولة” “عار عن الصحة”، مسجلا أن “التوفيق لم يقل في لقائه مع المسؤول الفرنسي خلال زيارة ماكرون للمغرب بأن الدولة المغربية علمانية، بل قال إن المغاربة علمانيون، وهناك فرق بين الاثنين”.
ووجه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق إلى أمين عام حزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران رسالة حول العلمانية في المغرب، بعد أن كان هذا الأخير قد اتهم التوفيق بأنه قال إن الدولة في المغرب علمانية.
وسارع الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران إلى الرد على الرسالة التي وجهه له مساء اليوم الثلاثاء وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق بشأن التصريحات التي أدلى بها ابن كيران حيث نسب إلى الوزير قوله إن “الدولة المغربية علمانية”، وهو ما اعتبره التوفيق “بهتانا وتحريفا” لكلامه.
وأشار التوفيق إلى أن ابن كيران ذكر كلامه بطريقة فهم منها الجمهور أنه أقر بعلمانية الدولة، نافياً ذلك بشكل قاطع، حيث أكد أن: “ذكرت ما فهم منه الناس أنني قلت إن الدولة في المغرب علمانية، وأنا لم أذكر الدولة؛ لأن الدولة دولة إمارة المؤمنين، وأنت تعرف أنني، بفضل الله، خديماً في باب تدبير الدين منذ أزيد من عقدين من الزمن”.
وأكد الكنبوري، أن التوفيق قال إن “المغاربة علمانيون ولم يقل إن المغرب علماني، هو يعرف أن كلامه سوف يرتد عليه لذلك اختار كلماته بدقة. ومعنى أن المغاربة علمانيون أنهم يزاوجون بين الدين والدنيا دون قيود(…..) لكن المغرب ليس علمانيا لأن الدولة إسلامية تجمع بين الدين والدولة ولا تفصل كفرنسا”.
وأوضح الباحث في الشأن الديني والحركات الإسلامية، أن الوزير قرأ ذلك المنشور وبنى عليه رده عندما قال في رسالته مخاطبا بنكيران:”ونسبت إليّ ما فاتك فيه التبيّن وجانبك اليقين. ذكرت ما فهم منه الناس أنني قلت إن الدولة في المغرب علمانية، وأنا لم أذكر الدولة، لأن الدولة دولة إمارة المؤمنين”. وهذا نفس كلامنا في المنشور المشار إليه.
وأوضح التوفيق أن مثل هذه التصريحات لا يمكن أن تغيّر الحقائق المتعلقة بالدين ومكانته في الدولة المغربية، مشيراً إلى أن إمارة المؤمنين هي الضامن الأساسي لحماية الدين وقيمه القطعية، ومشدداً على أن هذا الدور لا يحتاج إلى “دفاع” في تجمعات حزبية أو أمام الجمهور، لأن الحقائق الدينية ثابتة ولا تتغير بتصريحات أو مزايدات.
وقال بن كيران في رده على رسالة التوفيق المطولة والتي حملت عنوان “شكوى إلى الله”، :”آسفني تصريحك الموجه لي عبر إحدى الصحف الإلكترونية تلومني فيه على ما صرحت به في أحد مهرجانات الحزب الخطابية بمدينة ’’أولاد برحيل”.
ونبه الكنبوري، إلى أن تصريحات الوزير حملت على أكثر من وجه، وتم استغلالها من مختلف الأطراف، والسبب أنه في تصريحاته داخل البرلمان لم يوضح كلامه بدقة، نظرا لحساسبة الحديث عن العلمانية في المغرب.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن الوزير أحمد التوفيق اختار الرد على بنكيران كأمين عام لحزب إسلامي، ولكنه لم يرد على التوظيف السيء لتصريحاته من طرف الكثيرين من العلمانيين المغاربة الذين رأوا في تصريحاته اصطفافا معهم، متسائلا: “هل يرجع السبب إلى أن هؤلاء لا تأثير لهم ولا يعترف السيد الوزير بوجودهم، مقارنة مع بنكيران”؟.
وسجل أن الوزير في رسالته، رغم محاولاته تفنيد اتهام بنكيران، عزز ذلك الاتهام عندما قال في الرسالةوإنك منتخب على أساس تكافؤ أصوات الناخبين بغض النظر عن معتقداتهم وسيرهم، وهذا الأمر مقتبس من نظام غربي علماني. وإنك عندما كنت رئيساً للحكومة قد اشتغلت على نصوص قوانين تخدم المصلحة العقلانية وتُعرض على تصويت البرلمان، وهذا أمر مقتبس من نظام غربي علماني..”.
واعتبر الباحث في الشأن الديني، أن هذا الكلام ينطبق عليه المثل العربي”رمتني بدائها وانسلت”، وقال إن الوزير وقع فيما وقع فيه بنكيران، فقد رد كل شيء في الدولة المغربية إلى العلمانية،” مضيفا وهنا نسأل الوزير: أين فتوى المصالح المرسلة التي أصدرها المجلس العلمي الأعلى عام 2005 بطلب من أمير المؤمنين؟ أليس هذا الكلام ارتدادا عن تلك الفتوى الشهيرة؟ أم أنها كانت مجرد فتوى شكلية كتبت لتوضع على الرفوف؟.
وخلص الكنبوري إلى أن مؤسسة إمارة المؤمنين في المغرب لم تتحول إلى نظرية، ويجب الاشتغال عليها علميا، بدليل هذه المواقف غير الواضحة حول المؤسسة، المواقف التي لا ترتبط بنسق فكري وسياسي واضح يمكن لأي مسؤول في الدولة ولأي مواطن أن يستوعبها بعيدا عن التأويلات، معتبرا أن ما قاله وزير الأوقاف ” يناقض فتوى المصالح المرسلة تناقضا تاما، وهذا أمر يبين كيف تتشغل السياسة في المغرب دون ثقافة”.
0 تعليق