مقال : ماهر العبادي – في عمق الظلام

مقال : ماهر العبادي – في عمق الظلام

شكرا لمتابعتكم خبر عن مقال : ماهر العبادي – في عمق الظلام

تسود ظلمة حالكة في الطرقات، وكأن الليل يحتفظ في طياته بكم هائل من الذكريات التي تمر بنا كأشباح. تبدأ تلك الذكريات بتفكير مؤلم، يأخذنا من ظلال الأحلام إلى كوابيس نعود لنستيقظ منها في الفجر، مثقلين بجرح الندم.

*الندم!* كم هي بسيطة هذه الكلمة مقارنة بالشعور الداخلي الذي يعتصرني. في هذه الغرفة، توجد خطوات لم يخطها أحد، والكل ثابت، كما لو كانت الحياة قد توقفت. لا يوجد هنا سوى المشاعر الخاطئة، التي تملأ الفراغ بالخوف والتردد والتفكير الزائد.

تتراقص الأيادي في حالة من الارتعاش، بينما يشتعل احمرار العيون أكثر من لون الدم.

الدموع تتساقط بغزارة، أشد من الأمطار التي تسقط في ليالي الشتاء. قد تشعر في لحظة ما أن الأوان قد فات، وأن أحلامك قد تلاشت في خضم الصعوبات.

ربما يكون السبب وراء هذا الشعور هو الإبهار الذي صاحبني في البداية. إذا لم يتجدد هذا الشعور لأتفه الأسباب، أو حتى دون أسباب واضحة، هنا يخطئ الحب. في تلك اللحظة، ستتمكن من رؤية جناحيه، لكنه لن يطير. سترى قلبه، الذي خُلق من نور، رغم أنه شخص عادي، تحمل روحه كل البشرية، لكي لا تشعر بالملل من التعرف إلى شخص جديد كل يوم.

كل ما تحتاجه هو شبحاً خُلق لك، حتى تصبح متيماً بحبه لا من النظرة الأولى فقط، بل من كل لحظة تتشاركها معه. تحتاج إلى أن تترك الحب يأتي إليك بمفرده، لا أن تركض خلفه حتى تخطئ في رؤية معالمه.

احتجت إلى ظل يملك بساطة يجعلني أرى فيه شيئاً فريداً لا يوجد إلا فيه. احتجت إلى قلب واحد، وعينين تراني فقط، تعزف لي أغاني الحب وتدق طبول الحرب إذا تطلب الأمر. ويبوح لي بأسراره حين يسود الصمت من حولنا.

ربما أكون قد أخطأت في بعض اختياراتي، لكن الزمن له حكمته الخاصة. الأيام أثبتت لي صدق حدسي الأول، والشعور الذي تجاهلته في لحظات سابقة. علمتني الأيام أن لا أكذب بوصلة روحي، فهي دائماً صادقة ودقيقة، تأخذني إلى الاتجاه الصحيح.

لا أستطيع النوم إلا في عتمة غرفتي. قد توجد عتمة في غرف أخرى، لكن تلك العتمة ليست ظلامي الخاص. أحتفظ بذكرياتي، ورائحة أيامي، في تلك المساحة الصغيرة. لك أن تتخيل أنني شخص متمسك بظلامي، *فماذا حدث عندما فقدت وطني؟* هل كانت تلك العتمة مجرد غياب، أم كان فقدان جزء من روحي؟

في النهاية، أدركت أن كل ظلام يحمل في طياته بارقة أمل، وأن الذكريات، رغم ألمها، تشكل جزءاً لا يتجزأ من هويتنا. في الليل، حيث تسكن الذكريات، أجد نفسي أستعيد ما فقدته، وأتأمل في ما يمكن أن يكون.

كاتب وصحفي مصري يتمتع بخبرة تفوق 10 سنوات في إعداد المقالات والتحقيقات الصحفية المتخصصة في القضايا الاجتماعية والسياسية. يشتهر بأسلوبه الواضح والدقيق وقدرته على تغطية الأخبار بتوازن.