مقال : عبدالمجيد العبيدي – الحكومة اليمنية بحاجة إلى شراكة حقيقية مع القطاع الخاص
شكرا لمتابعتكم خبر عن مقال : عبدالمجيد العبيدي – الحكومة اليمنية بحاجة إلى شراكة حقيقية مع القطاع الخاص
في ظل الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها المواطن اليمني، مثل انقطاع الكهرباء، وشح المياه، وضعف خدمات الاتصالات، وتدهور القطاع الصحي، يبدو جلياً أن الحكومة لم تعد قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين. ومع تدهور الوضع الاقتصادي وتفاقم الأزمات، يظهر بوضوح أن الحل الفعّال للخروج من هذه الأوضاع المأساوية يكمن في بناء شراكة حقيقية وفاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص. فالاعتماد الكلي على الحكومة في ظل غياب الكفاءة وتفشي البيروقراطية والفساد أصبح مساراً يؤدي إلى مزيد من الفشل، ويستدعي تدخلاً قوياً من القطاع الخاص للإسهام في تحسين الخدمات وإنعاش الاقتصاد الوطني.
الكهرباء: أزمة تتطلب حلولاً إبداعية
يعتبر قطاع الكهرباء بمثابة شريان الحياة اليومي لكل مواطن، إلا أن الانقطاعات المتكررة والانهيار المستمر في البنية التحتية جعلت من تلبية هذا الاحتياج الأساسي أمراً صعباً. في ظل عجز الحكومة عن توفير الطاقة اللازمة للمنازل والمصانع، تتزايد معاناة المواطنين وتتعمق الأزمات. هنا يأتي دور القطاع الخاص الذي يتمتع بقدرات لإنشاء مشاريع الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة التوزيع. ولكن غياب الحوافز والإطار القانوني الداعم يعيق قدرة القطاع الخاص على سد هذا العجز، في حين أن التسهيلات الحكومية يمكن أن تحوّل هذه الأزمة إلى فرصة للنهوض بقطاع الطاقة.
المياه: معاناة يومية وحلول غائبة
بات الحصول على المياه العذبة معاناة يومية لكثير من اليمنيين، سواء في المناطق الحضرية أو الريفية. فالتدهور في خدمات المياه والصرف الصحي يعكس عجز الحكومة عن تطوير هذه الشبكات الضرورية، ما يترك المواطنين عرضة للأزمات الصحية والبيئية. من خلال شراكة فعّالة مع القطاع الخاص، يمكن تحسين كفاءة توزيع المياه وإنشاء بنية تحتية أكثر تطوراً، شريطة أن تتخذ الحكومة خطوات للتخلي عن البيروقراطية وإزالة العقبات أمام دخول القطاع الخاص لهذا المجال الحيوي.
الاتصالات: حلقة تواصل متعثرة
رغم أن قطاع الاتصالات أصبح من أسس الحياة اليومية الحديثة، إلا أن الخدمات المتاحة في اليمن ما زالت تعاني من ضعف التغطية، ورداءة الخدمة، وارتفاع التكاليف. الحكومة لم تتمكن حتى الآن من تحسين هذا القطاع، بل تضع العراقيل أمام الاستثمار الخاص فيه، ما ينعكس سلباً على التواصل والنمو الاقتصادي. فتح المجال للقطاع الخاص لتطوير قطاع الاتصالات يمكن أن يحسن مستوى الخدمة ويخفض التكاليف، مما يسهم في تحقيق تطور حقيقي في الاتصال وخدمة المواطنين.
الصحة: أزمة تمس حياة الناس
الوضع الصحي في اليمن وصل إلى مرحلة حرجة، حيث تعاني المستشفيات والمراكز الصحية من نقص كبير في الكوادر والمعدات والأدوية. المواطن اليمني يكافح للحصول على أبسط حقوقه في الرعاية الصحية، مع عجز الحكومة عن توفير خدمات طبية أساسية. القطاع الخاص يمتلك القدرة على تحسين هذه الخدمات وتطوير بنية تحتية صحية تلبي احتياجات المواطنين، إلا أن غياب التسهيلات الحكومية يجعل ذلك صعباً. دعم استثمارات القطاع الخاص في مجال الصحة يمكن أن يكون خطوة حاسمة نحو تحسين حياة الناس.
الاقتصاد: رياح الركود تنتظر التغيير
الاقتصاد اليمني يواجه ركوداً حاداً، ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى عجز الحكومة عن خلق بيئة استثمارية مشجعة وآمنة. بدون شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، لن يكون هناك أمل في تحقيق انتعاش اقتصادي. القطاع الخاص يمكن أن يلعب دوراً محورياً في خلق فرص عمل وزيادة الإنتاج المحلي، لكنه يحتاج إلى ضمانات وتشريعات داعمة واستقرار اقتصادي، وهي متطلبات ضرورية لتحقيق قفزة اقتصادية حقيقية.
استقرار العملة: دعم القطاع الخاص حلاً لاستعادة الثقة
تدهور العملة الوطنية وارتفاع الأسعار ألقى بظلال ثقيلة على المواطنين. إن إشراك القطاع الخاص في مشاريع إنتاجية يمكن أن يساهم في دعم العملة الوطنية من خلال زيادة الصادرات وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وهو ما تحتاجه اليمن بشدة.
ختاماً: شراكة تُنقذ الوطن
في ضوء هذه المعطيات، يتضح أن على الحكومة اليمنية أن تتحرك بجدية نحو فتح المجال أمام القطاع الخاص ليكون شريكاً حقيقياً في توفير خدمات أساسية كالكهرباء والمياه والاتصالات والصحة. إن التخلص من البيروقراطية وإيجاد بيئة محفزة للاستثمار، مع توفير الحماية القانونية للشركات، هو السبيل لتحسين حياة المواطنين. الحكومة اليوم أمام خيار تاريخي؛ إما بناء جسور التعاون مع القطاع الخاص لإنقاذ الوطن، أو مواجهة المزيد من الأزمات المتفاقمة.
تعليقات