مقال : شهاب سنان – برد الشتاء ومعاناة النازحين.. مأساة إنسانية في صمتٍ حكومي
شكرا لمتابعتكم خبر عن مقال : شهاب سنان – برد الشتاء ومعاناة النازحين.. مأساة إنسانية في صمتٍ حكومي
مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، تزداد معاناة النازحين والمهمشين في اليمن، أولئك الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بين ويلات الحرب وغياب الرعاية الحكومية. يعيش هؤلاء في مناطق صحراوية بلا مأوى أو مقومات حياة، يعانون من الجوع والبرد والأمراض، بينما يغيب عنهم اهتمام المسؤولين والمؤسسات الإنسانية. مأساة هذه الفئات تتفاقم وسط تجاهل شبه كامل لمعاناتهم، ما يثير تساؤلات عن غياب الرحمة في مجتمع باتت فيه الإنسانية على المحك.
معاناة النازحين في الشتاء ليست مجرد برد قارس؛ إنها صراع يومي مع الفقر والجوع وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال الذين تتدهور صحتهم بشكل مريع، ما يدفع أسرهم إلى اللجوء للمستشفيات الحكومية. ولكن هناك صدمة أكبر تنتظرهم هناك؛ ارتفاع رسوم الخدمات الطبية بشكل كبير، مما يحول العلاج إلى حلم بعيد المنال للعديد منهم. ومع انتشار الأوبئة وسوء التغذية، يصبح الوضع أشبه بكارثة إنسانية متكاملة، بينما تتفاقم الأوضاع الاقتصادية يومًا بعد يوم.
ما يزيد الطين بلة هو غياب الجهود الحكومية لدعم هذه الفئات. المسؤولون، الذين يعيش الكثير منهم في رفاهية خارج البلاد، يتقاضون رواتب ضخمة بالعملات الأجنبية، بينما يعاني المواطن العادي في الداخل من شظف العيش. المليشيات الحوثية زادت من تفاقم الكارثة بتدمير الاقتصاد وتهجير المواطنين، ما جعل الأمل الوحيد للمواطنين هو الحكومة الشرعية. ومع ذلك، فإن الفساد الذي ينخر بعض مؤسساتها يجعل هذا الأمل خافتًا.
الدعم الإنساني الذي تقدمه المنظمات الدولية يظل محدودًا ولا يفي بمتطلبات الأزمة المتفاقمة، ما يضع المجتمع ورجال الأعمال أمام مسؤولية أخلاقية كبيرة. ومع دخول الشتاء، تزداد الحاجة إلى مبادرات مجتمعية حقيقية تهدف إلى تقديم الدعم للنازحين والمهمشين من خلال توفير المأوى، الأغطية، والمواد الغذائية الأساسية.
إن هذه الأزمة ليست مجرد اختبار للحكومة أو المنظمات الإنسانية، بل هي دعوة لكل فرد في المجتمع لتحمل مسؤولياته تجاه الفقراء والمحتاجين. لا يمكن أن يستمر هذا التجاهل وسط معاناة بهذا الحجم، وإلا فإن الكارثة التي نراها اليوم ستكون مجرد بداية لمآسٍ أكبر.
الشتاء قاسٍ، لكنه لا يقسو بقدر قلوب بعض المسؤولين الذين تناسوا معاناة الناس وهمومهم. رسالة إلى كل من يهمه الأمر: اتقوا الله في هذا الشعب، وكونوا عونًا للفقراء والمساكين قبل أن تزداد الأوضاع سوءًا.
تعليقات