أخبار وتقارير – هل يفجر تشكيل “التكتل الوطني” صراعا سياسيا جديدا في اليمن؟
شكرا لمتابعتكم خبر عن أخبار وتقارير – هل يفجر تشكيل “التكتل الوطني” صراعا سياسيا جديدا في اليمن؟
أعلنت مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية اليمنية عن تشكيل “التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية” في مدينة عدن، وتم اختيار رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيد بن دغر، ممثل المؤتمر الشعبي العام، رئيساً دورياً للتكتل الذي يضم 22 حزباً ومكونا سياسيا يمنيا.
وأشار بيان الإشهار إلى التزام التكتل بالدستور والقوانين النافذة، إلى جانب المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، مؤكداً على مبادئ التعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والمواطنة المتساوية، والعدالة، والتوافق، والشراكة، وشفافية العمل.
كما أكد البيان أن أولويات التكتل هي “استعادة الدولة، وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد والانقلاب، وحل القضية الجنوبية باعتبارها محورية لإيجاد حلول وطنية شاملة”.
وتباينت الآراء والتوافقات حول التكتل الذي نفت العديد من القوى والأحزاب والتجمعات المشاركة فيه، وأكدت أنه جاء على عجل ولا يحمل حلولا حقيقية وقد يفجر صراعات جديدة بدلا من جمع الشمل وإحلال الاستقرار في البلاد.
فهل يشعل التكتل الجديد صراعا سياسيا في الجنوب يطيل أمد المعاناة ويكرس الوضع في الشمال الذي تسيطر عليه أنصار الله؟
بداية يقول هاني اليزيدي، رئيس الحركة الوطنية الديمقراطية “حمد” في الجنوب اليمني: “من جانبنا نحن نبارك ونهني القوى والأحزاب الوطنية التي اتفقت في العاصمة عدن وأشهرت التكتل ونتمنى لهم النجاح”.
أهداف مرحلية
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “إننا إذ نبارك لهم فإننا نبين موقفنا كقوة وطنية جنوبية، لقد كان موقفنا واضحا مع هذه المكونات منذ الترتيبات الأولى أننا لسنا مع تكتل لا ينطلق من رؤية وطنية واضحة، بل نحن بحاجة لتوافق يحمل رؤية تلامس المشكلات الأساسية وتعالجها بالحوار الحقيقي الصادق، بحيث يلتف حوله الشعب ويكون مصدر قوته، ولا نقبل أن نكون عبارة عن تشكيلات يتم تشكيلها لأنها تلبي أهداف مرحلية ويتم إنتاجها بالطريقة التي رأيناها خلال يومين”.
وتابع اليزيدي: “قد كانت هذه القوى التي حضرت خلال 5 سنوات عجزت عن أي توافق فيما بينها بشكل وطني وكان بعضها معطل لأبسط الاتفاقات التي تنوي الأحزاب والمكونات إقامتها، ولكن نحن نعلم كيف قبلت هذه المكونات وكيف اصطفت بهذه السرعة ومن خلف ذلك الاصطفاف”.
وأوضح رئيس الحركة الوطنية: “لقد كانت رؤيتنا أنّ دمج المشكلات وترحيلها ليس حلاً، وأن الحل هو تفنيد تلك الصراعات كلٌ في مكانها المناسب، ولهذا رأينا أن لا حل في اليمن إلا بإقامة حوار جنوبي – جنوبي في جهة، وحوار شمالي – شمالي في الجهة الأخرى، ومن ثم حوار جنوبي – شمالي، وأن تشكيل المكونات المختلطة دون حوار صادق يعد ترحيل المشكلة تحت اضطراريات دولية لا علاقة لليمن فيها شمالا وجنوبا، وأن ما حصل اليوم هي صورة من صور الخلط الذي لا ينتج مشروع وطني، بل هو أحد النماذج للأحزاب نفسها التي تعيش اليوم هذا الخلط والانقسامات من الداخل”.
وأردف: “هذا الخلط يجعل المتكتلين عبارة عن جسد ضخم يراد منه تمثيل شكلي غير حقيقي لليمن، والحقيقية أنه تجميع مفكك من الداخل لن يقدم شيء سوى أهداف مرحلية تنفذ من خلاله”.
الإرهاب الفكري
وقال اليزيدي: “نأمل أن مثل هذه التدخلات تكون سببا كي يستيقظ شعبنا ويعلم من كان يعمل لصالحه، ومن كان يسلم الجنوب والشمال مقابل مصالح شخصية ومساومات سياسية حتى أوصلوه إلى هذه المرحلة من الفشل”.
واختتم رئيس الحركة الوطنية، قائلا: “نعلم أن هناك من سيحاول استخدام الإرهاب الفكري نحونا بتصنيفنا بأننا مع الحوثي، ليصادر حقنا في التعبير عن موقفنا السياسي إزاء ما يحدث، وذلك بأن يتم حصرنا في زاوية التخوين بشعار أنت معنا أو مع الحوثي، وأن هذه الممارسات لا تمنعنا من تبيين مواقفنا السياسية، فنحن مواقفنا واضحة، ونحن من تصدى للحوثي من قبل لما اعتدى علينا ومستعدون للتصدي لأي مشاريع أخرى لا تمثل الوطن ولا تنبع من إرادة شعبية”.
ينقصه الكثير
من جانبه يقول عبد الكريم السعدي، رئيس الحركة الوطنية الجنوبية في اليمن: “طبعا نحن نتابع الأحداث بالمجمل وبما يدور في الساحة اليمنية شمالا وجنوبا، وأهمية هذه المرحلة وخطورتها وتحدياتها وأن إنشاء التكتل للأحزاب الوطنية اليمنية هو خطوة طيبة في إطار البناء السياسي، نحن نبارك دائما أي تقاربات بين القوى الوطنية سواء في الشمال أو في الجنوب أو في اليمن عامة، فكل خطوة في التقارب السياسي تمثل لبنة في البناء الذي دائما ما نطالب به ونسعى إليه”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “قرأت البيان وهو يمثل وجهات نظر وتوجهات الأحزاب والقوى التي وقعت علي، وطبعا يظل العمل الوطني سياسي ينقصه الكثير، طالما لم يشمل الجميع و لم يكن مظلة للجميع، فأي عمل لا يستوعب ولا يقبل الجميع يظل ينقصه الكثير، إنما نحن لن نقلل من جهود الآخرين، وما يهمنا في المحصلة الأخيرة هو أن يصب أي عمل سياسي في خدمة القضية الوطنية العالقة التي تسببت في إقحام اليمن في هذا الصراع، الذي أصبح صراع غير مُجدي يعني صراحة لا طائل من ورائه سوى تدمير البلد ونهب مقدراتها وثرواتها، والعبث ونشر الفساد فيها وتمزيق المجتمع”.
وتابع السعدي: “يتعرض الوطن والمواطن خلال العشر سنوات الأخيرة للتدخل العربي والدولي، لذا فإن هذه الخطوة هدفها محدد وتأتي في لحظة يتم التحضير فيها لمعركة استعادة أو تحرير محافظة الحديدة وعودتها إلى الشرعية، وهناك عدة قراءات لميلاد هذا التكتل، يربطها بالزيارات المكوكية ما بين بعض الدول والتي قامت بها بعض المكونات التي احتواها هذا التكتل، وينظر إليه أنه مخرج من مخرجات تلك التوافقات لدعم المعركة لاستعادة الحديدة”.
أساس الخلافات
وأكد السعدي أن “ما نعانيه في اليمن اليوم أن كل الحلول لا تأتي قاطعة وتأتي تحمل تأويل، وبالتالي تكون أساس الخلافات قادمة، و بقراءة البيان الذي صدر عن التكتل الجديد نجد أنه يخص القوى التي أشتركت فيه و يمثل أهدافها، وللعلم فإن العديد من القوى والأحزاب الجنوبية خارج هذا البيان والتكتل”.
ويعتقد السعدي أن “الأيام القادمة تحمل أشياء جديدة توضح الهدف الرئيسي لهذا التكتل، ورغم هذا فإننا نبارك أي خطوة وأي تقاربات، نحن نحتاج إلى حوار وطني جامع في الجنوب وفي الشمال يفرز ممثلين عن الشمال وعن الجنوب، ويعالج القضايا التي تسببت في دخول اليمن في هذه الدوامة ولا نحتاج إلى تكتلات ومكونات الصدفة أو الحاجة ألمؤقتة التي لا تخدم إلا مشاريع الإقليم، فإن كان هذا التكتل سيسهم في إيجاد حوار وطني يخلق أسس جديدة للتوافق اليمني، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، فهو خطوة ايجابية ونحن نباركها، أما إن كان قد جاء ليمثل مرحلة معينة وهدف معين لطرف بعينه، فإن الساحة مليئة بالأدوات، ولا أعتقد أن الساحة اليمنية شمالها وجنوبها وشرقها وغربها تحتمل المزيد من الأدوات”.
حارس الازدهار.. معلومات عن العملية وأهدافها ورد أنصار الله –
ولفت السعدي إلى أن “وجود الدكتورأحمد عبيد بن دغر رئيس الحكومة اليمنية السابق على رأس هذا التكتل يمثل بحد ذاته دافع للتفاؤل، فالرجل يمثل حالة وطنية معروفة بالثبات على الموقف وعدم التنقل من النقيض إلى النقيض كالكثير ممن تحويهم عادة قوائم التكتلات والمكونات اليمنية شمال وجنوب، بما في ذلك ما حوته قائمة الموقعين على بيان هذا التكتل، وإن كان هناك رهان فسيكون على الدكتور بن دغر في المقام الأول”.
وفي بيان تلقت “سبوتنيك” نسخة منه، “عبّر مؤتمر حضرموت الجامع عن رفضه القاطع الانضمام لما يسمى التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، مشيرًا إلى أن أي حضور أو التوقيع عليه لا يمثل مؤتمر حضرموت الجامع الذي له أهداف واضحة وهيئات مختصة تُعرض عليها جميع وثائق أي مشروع لإقراره”.
المجلس الانتقالي
وقال المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، في بيان على موقعه الإلكتروني الرسمي: “تابع المجلس الانتقالي الجنوبي، مخرجات ما سمي “بالتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية” (وثائقه، وبيان إشهاره) الذي أعلن عن تشكيله، بمشاركة عدد من المكونات والشخصيات السياسية الداعمة لما يسمى بمشروع اليمن الاتحادي”.
وإذ يقود المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال “الميثاق الوطني الجنوبي” تكتلا سياسياً يسعى لتحقيق أهداف وتطلعات شعب الجنوب المتمثلة في استعادة الجنوب دولة وهوية، فإنه يؤكد استعداده للحوار ومناقشة أي جهود لمواجهة خطر ومهددات مليشيا الحوثي”.
وإذ يجدد المجلس الانتقالي الجنوبي تأكيده بأنه غير مشارك في هذا التكتل، وتذكيره بواقع وجود حالتين سياسيتين متمايزتين لكل منهما شعب وهوية وتطلعات، تستدعيان عدم التأثير على أي منهما سياسياً، فإنه يعلن عدم التزامه بأي مخرجات أو نتائج ليس مشاركاً فيها، أو غير موافق عليها.
وينتهز المجلس الانتقالي الجنوبي، المناسبة للتشديد على ضرورة احترام الجميع للالتزامات الواردة في اتفاق الرياض والبيان الختامي للمشاورات التي رعتها دول مجلس التعاون الخليجي، والحرص على تماسك الشراكة القائمة، المتمثلة في مجلس القيادة الرئاسي، والهيئات المساندة، وحكومة المناصفة بين الجنوب والشمال.
بدوره أعلن الحراك الثوري الجنوبي في اليمن عدم مشاركته في التكتل أو الحوارات التي دارت حوله وتمسكه بثوابته الرافضة لأيه حوارات يشارك فيها أو يرعاها السفير الأمريكي.
وتسيطر “أنصار الله” اليمنية، منذ سبتمبر/ أيلول 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمالي اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 مارس/ آذار 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ126 مليار دولار، في حين بات 80% من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.
تعليقات