د. مايا الهواري
العالم كبير وجميل، يتطور في كلّ لحظة ويتغيّر باستمرار دائم، كما أنّ الذّكاء العاطفيّ يلعب دوراً كبيراً في تحقيق استقرارنا العامّ، فالحياة مزيج من صخب وهدوء، راحة وتعب، مرض وشفاء، والكثير من التّناقضات الّتي لولا وجودها لما شعر الإنسان بقيمة الأشياء وحمد الله على ما هو فيه من نعم، وقد خلق الله الإنسان على هذه الأرض ليعمرها ويعيش عليها ويعمل فيها بما يعود عليه بالفائدة، ولا يعني ذلك أن يقضي حياته في عمل مستمر، بل شرّع له الرّاحة بنوعيها الجسديّة والنّفسيّة، ذلك أنّ الرّاحة النّفسيّة قد تفوق الجسديّة؛ نظراً لأهمّيّتها للجسم ولما لها من دور مهمّ في القدرة على متابعة الحياة وقيادتها بذكاء، واكتشاف ما يحمله داخل المرء من إبداع وقوّة خارقة تساعده على اكتشاف كلّ جديد مجهول سواء في ذاته أو في الكون من حوله.
جميعنا يسعى في العطل والأعياد لوضع خطّة للخروج من المنزل مع عائلته لكسر الرّوتين المملّ، ولتجديد الطّاقة الدّاخليّة لأفراد الأسرة، فالبعض يجد في البحر ملجأ له، والبعض الآخر يهوى الذّهاب للجبال في حين آخرون يحبّون الاستماع للموسيقى أو الذهاب للنّوادي الّتي تعلّم العزف على الآلات أو الذّهاب للنّوادي الرّياضيّة وهكذا، المهم هو ممارسة الهوايات بعيداً عن العمل الأسبوعيّ لتنشيط الجسم جسداً وذهناً وتجديد الرّاحة الدّاخليّة لصفاء الذّهن ممّا يساعد الإنسان على اكتشاف ذاته ومعرفة نقاط القوّة وما يتمتّع به من إيجابيّة، فمثلاً النّظر للبحر ومداه الواسع ولونه الأزرق الفضيّ المتلألئ يعطي راحة نفسيّة وشعوراً بالهدوء الدّاخليّ والاستقرار، كذلك البعض يفضّل النّظر للّون الأخضر فيجد في الأشجار والعشب اتّزاناً داخليّاً وترتيباً لما في داخله من فوضى، كما أنّ اللّون الأخضر مريح للنّظر، يخفّف الضّغط على العين ويعطي قوّة لها، وبالتّالي يقلّل من التّوتّر والقلق وعودة السّكينة للنّفس، ولا ننسى دور الموسيقى وأثرها الكبير في زرع الهدوء أوّلاً في الأذن التي بدورها تنقله لأنحاء الجسم كأنّه سيالة عصبيّة هادئة تسهم في تنظيم المشاعر والعواطف، وتأخذ المرء بعيداً عن صخب الحياة. كلّ هذا من شأنه أن يسهم في تطوير الذّكاء العاطفيّ للإنسان لما لهذه الأشياء من دور عظيم في ترتيب المشاعر الدّاخليّة، وكذلك ترتيب الفوضى الّتي يعيشها الإنسان خلال أسبوع شاقّ من العمل والضّغوطات، وبالتّالي خلق بيئة نظيفة داخليّاً، فينطبع أثرها في البيئة الخارجيّة وما يحيط بالمرء.
نستنتج ممّا سبق أنّ عجلة الحياة تحتاج إلى وقت من الرّاحة حتّى تستعيد نشاطها وقوّتها وتستطيع متابعة مسيرتها كعجلة السّيّارة الّتي تحتاج لصيانة دوريّة فيتمّ تجديدها وبالتّالي تتابع مسيرتها على الطّريق.
تعليقات