أثار مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي يناقشه مجلس النواب حاليًا، جدلاً واسعاً حول مدى توافقه مع حقوق الخصوصية والحريات الشخصية للمواطنين، خاصة بعد الموافقة على المادة (79) التي تمنح النيابة العامة، بعد الحصول على إذن مسبب من القاضي الجزئي، سلطة مراقبة وضبط وسائل الاتصال المختلفة بما في ذلك حسابات وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة.
تجاوز مأمور الضبط القضائي لصلاحياته
وفي هذا السياق، قال المحامي الحقوقي ورئيس المركز العربي لاستقلال القضاء، ناصر أمين، إن هذه المادة من المواد المتعلقة بانتهاك الحق في الخصوصية، وتجاوز مأمور الضبط القضائي لصلاحياته التي تتيح له تفتيش وسائل الاتصال بشكل مخالف للمواد الدستورية التي تنص بأن يكون التفتيش بإذن قضائي، حسب قوله.
وأضاف أمين لـ”تليجراف مصر”، أن هذه المادة من المواد التي تسمح بمراقبة الهواتف والمراسلات، لأول مرة في تاريخ الإجراءات الجنائية وتمنح مأمور الضبط القضائي صلاحيات ليست من حقه، وأعطته صلاحية لبعض الإجراءات التحفظية في حالات ليست من حالات التلبس.
افتراض حالة تلبس
وأشار إلى أن هذه المادة مخالفة تماما للدستور المصري، حيث تسمح لمأمور الضبط القضائي بافتراض حالة تلبس تحت زعم وجود خطر ومن ثم تجري عمليات التفتيش سواء كان تفتيش ذاتيا أو منزليا أو المراسلات، موضحاً أن الأصل في الدستور هو حرية الإنسان في التنقل وحرمة حياته الخاصة وأنه في حالة غير التلبس لا يجوز تفتيش أحد أو تفتيش هاتفه أو مراسلاته أو منزله إلا بإذن قضائي.
انتهاك بالحق في الخصوصية
وقال إنه بموجب هذه المادة يستطيع أفراد السلطة العامة تحت تذرع أن هناك حالة خطر ما أن يوقف الأشخاص ويقوم بتفتيشهم، حسب زعمه.
إذن مسبب من قاضٍ جزئي
من جانبه قال النائب إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد يتيح مراقبة الحسابات الإلكترونية بشرط الحصول على إذن مسبب من قاضٍ جزئي.
وأوضح النائب، في تصريحات اليوم لأحد، أن القانون الجديد يلزم أن يكون الإذن مسببًا، وهو ما يختلف عن نصوص القانون الحالي.
آلية جديدة
وأشار رمزي إلى أن مشروع القانون استحدث آلية جديدة تتعلق بضبط أو مراقبة المراسلات والمكالمات الخاصة بجرائم الشكوى، موضحًا أن هناك جرائم محددة، تُعرف بجرائم الشكوى، لا يمكن للنيابة العامة اتخاذ أي إجراءات للتحقيق فيها إلا بناءً على طلب المجني عليه.
جرائم السب والقذف
وأضاف أن الشاكي يتقدم بشكواه إلى النيابة العامة، التي يمكنها أن تأذن بضبط ومراقبة المراسلات والمكالمات ووسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالمشكو في حقه، في حال الجرائم المتعلقة بالسب والقذف وخدش الحياء عبر الهواتف أو الوسائل الإلكترونية.
ووافق مجلس النواب، خلال الجلسة العامة المنعقدة اليوم الأحد، على منح النيابة العامة بعد الحصول على إذن مسبب من القاضي الجزئي، سلطة إصدار أوامر بضبط أو مراقبة أو الاطلاع على وسائل الاتصال المختلفة ومنها الحسابات عبر السوشيال ميديا أو الإيميلات أو الهواتف المحمولة، بشرط أن تكون مدة الإذن 30 يوما كحد أقصي مع إمكانية التجديد لمدة أو مدد مماثلة.
وعقد مجلس النواب اليوم الأحد، جلسته العامة برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، لاستكمال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، والذي تمت الموافقة عليه خلال الجلسات السابقة حتى المادة 61.
وتقضي المادة (79) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية حسبما انتهى مجلس النواب، بأن يجوز لعضو النيابة العامة، بعد الحصول على إذن من القاضي الجزئي، أن يصدر أمرًا بضبط جميع الخطابات والرسائل والبرقيات والجرائد والمطبوعات والطرود، وأن يأمر بمراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وحسابات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي ومحتوياتها المختلفة غير المتاحة للكافة، والبريد الإليكتروني، والرسائل النصية أو المسموعة أو المصورة علي الهواتف أو الأجهزة أو أية وسيلة تقنية أخرى، وضبط الوسائط الحاوية لها أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر.
وأوجبت المادة في فقرتها الثانية، أن يكون الأمر بالضبط أو الاطلاع أو المراقبة أو التسجيل لمدة لا تزيد على ثلاثين يوما، ويصدر القاضي الإذن المشار إليه مسببا بعد اطلاعه علي الأوراق والتحقيقات ويجوز له أن يجدده لمدة أو لمدد أخرى مماثلة.
ويهدف مشروع قانون الإجراءات الجنائية، إلى تحقيق فلسفة جديدة تتسق مع دستور 2014، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ويتلافى العديد من الملاحظات والتوصيات الصادرة عن بعض الأجهزة التابعة للمنظمات الدولية الرسمية، وبما يتواكب مع التطور التكنولوجي.
أفعال تعرضك للحبس بسبب السوشيال ميديا
وتزامنًا مع موافقة النواب حذرت القوانين المصرية من مجموعة من الأفعال التي تُمارس عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقد تعرض مرتكبيها للمساءلة القانونية، بما في ذلك:
1. نشر أخبار كاذبة أو شائعات
ووفقًا للمادة 188 من قانون العقوبات، يُعاقب كل من ينشر أخبارًا أو إشاعات كاذبة بقصد إثارة الفزع أو تكدير السلم العام بالحبس مدة تصل إلى سنة، وغرامة تتراوح بين 5,000 و20,000 جنيه، أو بإحدى العقوبتين.
وتُطبق هذه العقوبة على الحسابات التي يتجاوز عدد متابعيها 5,000 شخص، إذ تعامل معاملة وسائل الإعلام وفقًا لقانون تنظيم الصحافة والإعلام.
2. تقديم خدمات أرصاد جوية دون ترخيص
كما يفرض القانون غرامة مالية تتراوح بين 100,000 جنيه و5 ملايين جنيه على من يقدم خدمات الأرصاد الجوية أو ينشر معلومات مغلوطة حول حالة الطقس عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون الحصول على ترخيص من الجهات المختصة.
3. السب والقذف الإلكتروني
وينص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، في المادة (26)، على معاقبة كل من يتعمد استخدام تقنيات المعلومات للإساءة إلى سمعة الغير أو المساس بشرفه بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، وغرامة مالية لا تقل عن 100,000 جنيه ولا تتجاوز 300,000 جنيه، أو بإحدى العقوبتين.
4. التحرش الإلكتروني
ويعاقب القانون الجديد المتحرشين إلكترونيًا بالحبس لمدة تتراوح بين سنتين وأربع سنوات، وغرامة تصل إلى 300,000 جنيه، وتُغلظ العقوبة إذا تكررت الأفعال أو تضمنت ملاحقة وتتبع المجني عليه.