شركات العمالة الأجنبية تعمق أزمة البطالة في العراق (صور)

شركات العمالة الأجنبية تعمق أزمة البطالة في العراق (صور)

2025-01-24T09:14:05+00:00

شفق نيوز/ باتت العمالة الأجنبية
تمثل تهديداً كبيراً أمام العمال المحليين في العراق، بعد أن تغلغلت في مختلف
القطاعات، بدءاً من المطاعم والمقاهي والتنظيف وصولاً إلى مؤسسات الدولة عبر عقود
تشغيلية تُبرمها شركات متخصصة لتوفير العمالة الأجنبية للمؤسسات الحكومية والأهلية.

وخلال الفترة الأخيرة، برزت ظاهرة
تشغيل عمال أجانب من دول مثل: الهند وبنغلادش وباكستان في قطاع البناء، حيث يتوجه
العديد من المواطنين إلى شركات العمالة لاستقدامهم لبناء أو ترميم منازلهم.

 

العمال الأجانب أم العراقيون

ويقول المواطن علي محمد (47 عاماً)،
الذي استعان بعمال أجانب لبناء منزله، إن “هناك أسباباً واضحة تدفعه لهذا
الخيار، منها انخفاض تكلفة العامل الأجنبي مقارنةً بالعامل المحلي، بالإضافة إلى
كفاءته وإنتاجيته العالية“.

وفي حديث لوكالة شفق نيوز، يضيف
علي، أن “العمال الأجانب يعملون لمدة 10 ساعات يومياً دون طلب فترات للراحة
أو الطعام، كما أن (الأوسطوات) الأجانب يكتفون بعدد أقل من العمال لإنجاز العمل،
مما يقلل من التكلفة الكلية للبناء“.

فعلى سبيل المثال، والكلام لعلي
يتطلب “الأوسطة” العراقي أربعة عمال، بينما يكتفي “الأوسطة”
الأجنبي بعامل واحد فقط.

وقبل أيام قليلة، أعلنت وزارة
الداخلية العراقية، إلقاء القبض على نحو 700 وافد أجنبي من المخالفين لقانون
الإقامة بعد انتهاء مهلة التكييف القانوني لهم، فيما أهابت بأصحاب الشركات والمهن
والحرف والمطاعم والطلبات الخاصة، وكل من يأوي أجنبياً مخالفاً لقانون الإقامة رقم
76 لسنة 2017، بضرورة تسفيرهم لفترة أقصاها 2025/1/15.

 

أسباب تفضيل العمالة الأجنبية

في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي
همام الشماع، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن “منافسة العمالة الأجنبية
للعمالة المحلية ليست ظاهرة جديدة، إذ تعود جذورها إلى ثمانينيات القرن الماضي
عندما كان العمال المصريون يسيطرون على قطاع البناء، بسبب انشغال معظم العمال
العراقيين بالخدمة العسكرية الإلزامية آنذاك“.

ويشير الشماع، إلى أن “هذه
الظاهرة انحسرت خلال فترة التسعينيات، لكنها عادت بقوة في الآونة الأخيرة”،
مبيناً أن “هناك مشكلات عدة يعاني منها العامل العراقي، منها الاعتماد على
العمل الوظيفي بدلاً من العمل اليدوي، بالإضافة إلى طباع وسلوكيات تجعله يتردد في
العمل في بعض القطاعات التي تتطلب مجهوداً بدنياً شاقاً“.

ووفقاً لحديث الشماع، فإن هذه
العوامل دفعت العديد من المواطنين إلى تفضيل العمالة الأجنبية، التي تتميز
بالالتزام والكفاءة وعدم وجود امتدادات عشائرية، مما يجنب أرباب العمل مخاطر الفصل
العشائري في حال حدوث خلافات.

ويضيف الشماع، أن “تزايد
الإقبال على العمالة الأجنبية هو نتيجة لغياب القوانين التي تحمي العُمال
المحليين، إضافة إلى عدم إلزام أرباب العمل بتوفير بيئة عمل عادلة ومنصفة للعمال
العراقيين“.

وأطلقت الأمانة العامة لمجلس
الوزراء ووزارة الداخلية، العام الماضي، خدمة إلكترونية جديدة لتنظيم أوضاع
العمالة الأجنبية في العراق.

ووفقا لبيان للأمانة العامة لمجلس
الوزراء، فإن وزارة الداخلية (مديرية شؤون الاقامة)، أعادت العمل بالخدمة
الإلكترونية بغية تعديل الوضع القانوني للعمالة الأجنبية المخالفة لقانون الإقامة
في العراق، بما في ذلك إقليم كوردستان.

 

إحصائيات العمالة الأجنبية

إلى ذلك، يقول المتحدث الرسمي
لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، نجم العقابي، لوكالة شفق نيوز، إن “عدد
العمال الأجانب المرخصين في العراق يبلغ حالياً أكثر من 42 ألف عامل”، بينما
تشير تقديرات خبراء إلى وجود أعداد كبيرة من العمالة غير المرخصة.

بينما يرى الخبير الاقتصادي منار
العبيدي لوكالة شفق نيوز، أن “العمالة الأجنبية في العراق تفتقر إلى الضوابط
القانونية والتنظيمية، مما يجعلها قادرة على منافسة العمالة المحلية“.

ويضيف العبيدي، أن “غياب
قوانين تنظم حقوق العمال، مثل تحديد ساعات العمل وفرض فترات للراحة، يجعل العمالة
الأجنبية خيارًا مفضلاً لدى أرباب العمل بسبب انخفاض تكلفتها“.

سبق أن رئيس المركز الاستراتيجي
لحقوق الانسان فاضل الغراوي قد قال، في وقت سابق، إن “عدد العمال الوافدين
حسب المؤشرات بلغ  مليون عامل أجنبي يعملون
بصورة غير شرعية، فيما أشار إلى أن عدد المسجلين من العمال الأجانب لدى وزارة
العمل بلغ 43 ألف عامل في عام 2024.

 

دور اتحاد العمال

من جهتها، تؤكد سميرة ناصر
الخفاجي، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، أن
“الاتحاد لم يقم بدوره كما يجب في مواجهة هذه التحديات“.

وتشير الخفاجي، خلال حديثها لوكالة
شفق نيوز، إلى أن “غياب التشريعات الفاعلة، وتقليص حريات العمل النقابي،
أسهما في تفاقم أزمة العمالة المحلية“.

وتلفت الخفاجي، إلى “عدم
تطبيق شروط الاستثمار التي تنص على تشغيل 50% من العمالة المحلية في مشاريع
الشركات العالمية المستثمرة في العراق، فضلاً عن غياب شروط الصحة والسلامة في هذه
الشركات”، مبينة أن “الاتحاد نظم حملات في بغداد والمحافظات لتقنين
العمالة الأجنبية وتوفير الضمان الاجتماعي للعمال المحليين، لكنها لم تكن كافية
لمعالجة الأزمة“.

في ظل غياب قوانين رادعة وتنظيم
واضح لسوق العمل، يستمر تزايد نفوذ العمالة الأجنبية في العراق، مما يهدد فرص
العمال المحليين ويعمق أزمة البطالة، وفقاً للخبراء.

ويؤكد الخبراء ضرورة دعم العامل
العراقي من خلال توفير بيئة عمل عادلة وتشديد الرقابة على الشركات التي تعتمد على
العمالة الأجنبية، لضمان تحقيق توازن بين العمالة المحلية والأجنبية.