حراس الأقصر الخالدون.. تمثالا ممنون العملاقان في مصر

حراس الأقصر الخالدون.. تمثالا ممنون العملاقان في مصر

القاهرة (خاص عن مصر)- بالنسبة لأليس موريسون، كاتبة صحيفة الجارديان، كانت المغامرة إلى الأقصر في مصر أكثر من مجرد رحلة، بل كانت خطوة إلى قلب التاريخ.

بعد وصولها من فوضى القاهرة الصاخبة، وجدت العزاء في المناظر الطبيعية الهادئة لنهر النيل، بمياهه المتدفقة المحاطة بالحقول الخضراء والكثبان الرملية الذهبية وأشجار النخيل الشاهقة. أخذتها رحلتها إلى أعماق كنوز الأقصر، حيث ترك لقاء غير متوقع مع تمثالي ممنون العملاقين علامة لا تمحى على روحها.

رحلة الحج إلى عمالقة التاريخ

قررت موريسون استكشاف الضفة الغربية لنهر النيل بشكل مستقل، فاختارت دراجة هوائية، وهو القرار الذي قادها عبر الحقول الخضراء والواحات الهادئة. وبينما كانت تركب الدراجة تحت أشعة الشمس المصرية الحارقة، تحول المشهد.

من وميض الحرارة الضبابية ظهر تمثالان مهيبان وثابتان، ويبدوان أبديين. كانت تماثيل ممنون العملاقة، حراس الماضي القديم، تقف بحزم أمامها، وكان وجودها الضخم شهادة على عظمة مصر الدائمة.

اقرأ أيضًا: دونالد ترامب والاقتصاد الأوروبي المتعثر.. توقعات باضطراب عالمي

إرث أمنحتب الثالث

بُنيت التماثيل العملاقة حوالي عام 1350 قبل الميلاد، وهي تصور الفرعون أمنحتب الثالث، رمز الحكم الإلهي والقوة الأرضية. يبلغ طول هذين الحارسين التوأمين 18 مترًا، وكانا يحرسان ذات يوم مجمع معبده، وهو الأعظم في عصره.

يواجهان الشرق، ويحييان شروق الشمس، ونظرتهما مثبتة على الأبدية. وتحتهما، تقدم تماثيل أصغر لوالدته وزوجته وابنته لمحة عن سلالة الفرعون. ومع ذلك، لم يكن الوقت والطبيعة لطيفين مع رؤية أمنحتب العظيمة – فقد اختفى معبده، الذي بُني على سهل الفيضان، ولم يبق سوى هذين العملاقين كآخر حراس لسيادته المنسية.

تمثالا ممنون العملاقان – الجارديان

لحظة من الدهشة والتأمل

بالنسبة لموريسون، أثار مشهد التماثيل شعورًا ساحقًا بعظمة التاريخ. وقفت مذهولة، وشعرت بالانتصار والمأساة في الوقت نفسه لهذه التماثيل الضخمة. كانت أسطحها تحمل ندوب الزمن – كتابات قديمة من الرحالة اليونانيين والرومان الذين اعتقدوا خطأً أن التماثيل تصور البطل اليوناني ممنون.

ومع ذلك، وعلى الرغم من حالتها المتآكلة، تظل التماثيل العملاقة غير مهزومة بفعل الزمن، وتجسد مفارقة عدم الثبات والخلود.

التماثيل المغنية: الأسطورة والغموض

بينما وقفت متأملة، انتابها شعور مفاجئ لا يمكن تفسيره – بدا صوت غريب متذبذب وكأنه يرتفع من التماثيل نفسها. من المنطقي أنها كانت تعلم أنها مجرد خدعة من الرياح والحجر، لكن التجربة بدت وكأنها شيء أعظم بكثير. كان الأمر وكأن أصوات الماضي اخترقت حاجز الزمن، وتهمس بأسرارها عبر العصور.

شهادة على روح مصر الخالدة

لا تقف تماثيل ممنون العملاقة كبقايا معبد ضائع فحسب، بل كرمز لاتصال مصر غير المنقطع بماضيها. فهي بمثابة حراس مجازيين للضفة الغربية لمدينة الأقصر، ومدخل إلى عظمة الحضارة الفرعونية. وبالنسبة لأولئك الذين يزورونها، فإنها تقدم أكثر من مجرد لمحة عن التاريخ – فهي توفر لقاءً عميقًا بالوقت نفسه.

كانت رحلة موريسون عبر الأقصر رحلة اكتشاف، ليس فقط للعجائب القديمة، ولكن أيضًا للروح البشرية الدائمة التي ترفض التلاشي. لا تزال تماثيل ممنون العملاقة، على الرغم من قرون من الاضمحلال، تثير الإعجاب، مما يثبت أنه بينما تزدهر الحضارات وتنهار، فإن أصدائها لا تختفي حقًا أبدًا.