القاهرة (خاص عن مصر)- دخلت الحرب الدائرة في غزة عاماً آخر، الأمر الذي جعل الإسرائيليين يشعرون بالإرهاق والرغبة في السلام.
في حين تفضل أغلبية القيادات العامة والعسكرية التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء القتال، فإن الزعماء السياسيين في إسرائيل، وخاصة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرف، يقاومون مثل هذه القرارات.
يتناول ديفيد روزنبرغ، الكاتب في صحيفة هآرتس، الدوافع السياسية والإيديولوجية المعقدة التي تدعم هذا الصراع، في تحليل له في فورين بوليسي، فيقترح أن غزة بالنسبة لبعض الزعماء ليست مجرد منطقة حرب بل هي حجر الأساس لأجندة أوسع نطاقاً.
جمود عسكري مكلف
تواصل القوات الإسرائيلية عملياتها في غزة بنجاح محدود، وعلى الرغم من العمل العسكري الكبير، بما في ذلك الحملات المدمرة في الشمال ومخيم جباليا للاجئين، تظل حماس صامدة، حيث يقدر عدد مقاتليها النشطين بنحو 18 ألف مقاتل.
يواجه الجيش الإسرائيلي خسائر مستمرة، وضغوطاً اقتصادية، وعوائد متناقصة على المشاركة المطولة، ولكن الحجة العسكرية لاستمرار الحرب تطغى عليها الحسابات السياسية، وخاصة إحجام نتنياهو عن المخاطرة بمنصبه السياسي.
بالنسبة لنتنياهو، فإن النهاية الحاسمة للحرب قد تعني خطراً سياسياً، وقد تؤدي إلى دعوات لتشكيل لجنة تحقيق حكومية في إخفاقات السابع من أكتوبر 2023، وربما تزعزع استقرار ائتلافه.
ويؤكد إحجام رئيس الوزراء عن مواجهة هذه المخاطر على انحيازه إلى الفصائل اليمينية المتطرفة التي تدفع باتجاه عمل عسكري غير محدد المدة.
اقرأ أيضا.. إيلون ماسك يناقش سبل إقالة كير ستارمر
أجندة اليمين المتطرف: الضم والانتصار الإيديولوجي
ينظر حلفاء نتنياهو من اليمين المتطرف إلى الحرب باعتبارها فرصة لتحقيق طموحاتهم الإيديولوجية، وتدافع شخصيات مثل أوريت ستروك ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش عن سياسات تشمل ضم الضفة الغربية، وتشريد السكان الفلسطينيين، ودمج المستوطنات اليهودية في غزة.
بالنسبة لهؤلاء القادة، فإن الحرب ليست مجرد مسعى عسكري بل مهمة إلهية لتحقيق النبوءات التوراتية عن الأرض المقدسة.
إن اليمين المتطرف يرى في الحرب مبرراً لاتخاذ تدابير متطرفة، بما في ذلك إخلاء شمال غزة وإقامة منطقة عسكرية محظورة.
وقد بدأ المستوطنون والناشطون بالفعل في التحرك لاستعادة الأراضي في غزة، وعكس مسار الانسحاب الذي تم في عام 2005.
تشير التطورات في البنية الأساسية في مناطق مثل ممر نتساريم إلى نوايا طويلة الأجل للحفاظ على وجود في القطاع.
الدمار الإنساني ومستقبل غير مؤكد
لقد دمرت الحرب سكان غزة وبنيتها الأساسية، وعلى مدى ثلاثة أشهر، تم الإبلاغ عن مقتل ما يقرب من 4000 فلسطيني، وتركت عمليات الإخلاء القسري معظم الشمال خالياً من السكان.
وتكافح المخيمات المؤقتة في الجنوب لاستيعاب النازحين، في حين انهارت إدارة الجيب إلى مزيج من سيطرة حماس وانعدام القانون.
بالنسبة للفلسطينيين، يبدو المستقبل قاتماً: حياة في حالة خراب، تعتمد على المساعدات الإنسانية المتضائلة، مع عدم وجود مسار واضح لإعادة الإعمار، إن الاحتلال الإسرائيلي الدائم المحتمل يفرض تحديات إضافية، مما يؤدي إلى تفاقم العبء المالي الذي تتحمله إسرائيل ويؤدي إلى تنفير حلفائها الغربيين، ومع ذلك، يرى اليمين المتطرف أن هذه العواقب ثانوية مقارنة بأهدافه الدينية والقومية.
التداعيات الأوسع نطاقا
إن دفع اليمين المتطرف نحو صراع مطول وضم محتمل يهدد بعزل إسرائيل بشكل أكبر على الساحة العالمية.
ويسلط روزنبرغ الضوء على تدهور الروح المعنوية داخل جيش إسرائيل والعواقب الاقتصادية والدبلوماسية للحرب التي لا تنتهي.
ومع التركيز على الأمن المؤطر من خلال الحماسة الدينية، فإن أجندة اليمين المتطرف تهدد كل من الإسرائيليين والفلسطينيين، مما يؤدي إلى إدامة دورة العنف والمقاومة.