“خدري الجاي خدري”.. الشاي رمز للعلاقات الاجتماعية ورفيق العراقيين وضيوفهم (صور)
![“خدري الجاي خدري”.. الشاي رمز للعلاقات الاجتماعية ورفيق العراقيين وضيوفهم (صور)](https://alkhabarnow.net/wp-content/uploads/2025/01/1737903083184.jpg)
2025-01-26T14:54:55+00:00
شفق نيوز/ يُعد
الشاي واحداً من أبرز المشروبات الساخنة التي تحظى بشعبية واسعة في العراق، حيث
تتجاوز الرغبة في تناوله حدود الاستمتاع، لتصل أحياناً إلى حدّ الإدمان.
ويُفضل
العراقيون الشاي كثيفاً ومحلّى بالسكر، بعكس سكان الدول المجاورة الذين يستهلكون
الشاي خفيفاً وبكمية قليلة أو معدومة من السكر.
ويعود تاريخ
عادة شرب الشاي في العراق إلى فترة الاحتلال البريطاني عام 1914، حيث تم إدخاله إلى
المجتمع العراقي وأصبح سريعاً جزءاً لا يتجزأ من تقاليد الضيافة.
تاريخ الشاي في
العراق
ويرى الباحث
الفلكلوري علي ورد، أن تقديم الشاي للضيوف أصبح من الطقوس الأساسية للترحيب بهم،
فيما يُعتبر عدم تقديمه علامة على قلة الاحترام.
مع مرور الوقت،
تأصلت هذه العادة بين العراقيين، وأصبحوا يولون اهتماماً خاصاً بمصدر الشاي
وجودته، وفقاً لحديث ورد، لوكالة شفق نيوز،
فيُعد شاي “سيلان” من الأنواع المفضلة لدى العراقيين، وهو يُقدَّم عادةً
بعد الوجبات وفي جلسات السمر، حتى أن البعض لا يكتمل طعامهم إلا بكوب من الشاي
يتبع الوجبة.
وبحسب ورد، فإن
طرق إعداد الشاي، تعددت لكن الطريقة التقليدية الأكثر شهرة تُعرف بـ
“التخدير”، وهي تتضمن غلي الماء جيداً في إبريق “القوري”، ثم إضافة
ملعقتين أو ثلاث من أوراق الشاي الجاف، وتركه يغلي على نار هادئة لدقائق حتى تفوح
رائحته.
ومن المعروف أن
الشاي يقدم في أوانٍ صغيرة تسمى محلياً “الاستكان”، التي تعود تسميتها
إلى أصل إنجليزي تم تحويره ليتناسب مع اللسان العراقي، كما يقول ورد.
قديماً، كان
الشاي يُعد باستخدام “السماور”، وهو جهاز روسي الأصل لا يزال يُستخدم في
بعض المقاهي التقليدية، وتشتهر تركيا بصناعة أنواع عالية الجودة منه.
الشاي والثقافة
الشعبية
الشاي ليس مجرد
مشروب في العراق، بل هو جزء من ثقافة البلاد، حيث وثقت العلاقة الحميمة بين
العراقيين والشاي من خلال الأغاني التراثية، وأبرزها أغنية “خدري الجاي
خدري”، التي أدتها المطربة سليمة مراد في ثلاثينيات القرن الماضي، لتصبح
رمزاً لعلاقة العراقيين بالشاي وتعبيراً عن الود والعلاقات الاجتماعية.
وتُزرع أوراق
الشاي في ظروف مناخية دقيقة، حيث تحتاج إلى الشمس والمطر على مدار العام. يُفضّل
العراقيون الشاي الأسود على غيره من الأنواع، لما يتميز به من نكهة قوية ومذاق
فريد.
ويوضح كريم
الزيدي، صاحب مقهى يبلغ من العمر 67 عاماً، أن “الشاي الأسود يقدم عادةً
كثيفاً دون تخفيف بالماء الساخن، ويضاف إليه الهيل لإضفاء نكهة طيبة”، مبيناً
أن “الشاي الأسود يعتبر علاجاً فعّالاً لأوجاع الرأس، إذ (يكعد الراس)”،
بحسب الزيدي الذي نقل الجملة باللهجة العراقية.
في السنوات
الأخيرة، ازداد الإقبال على أنواع أخرى من الشاي، مثل الشاي الأخضر الذي يُعدّ
خياراً صحياً، خاصةً بين النساء، وفقاً للزيدي، الذي يستطرد بالقول “يُستهلك
هذا النوع في المنازل وأماكن العمل، وعادةً ما يُقدم مع السكر الخاص بالحمية، ومع
ذلك، فإن الإقبال على الشاي الأخضر لا يقارن بالشاي الأسود، الذي يُفضل العراقيون
شربه بعد الوجبات لمساعدتهم على الهضم”.
ظاهرة شرب الشاي
في “الكلاص” بدلًا من “الاستكان” انتشرت في ثمانينيات القرن
الماضي، وجلبها العمال المصريون الذين كانوا يعملون في العراق، حيث أصبح البعض
يُفضل الأكواب الكبيرة لإشباع رغبتهم في تناول الشاي الثقيل.
الشاي والصحة
في المقابل، يرى
اختصاصي التغذية سمير كرجي أن الشاي يحمل العديد من الفوائد الصحية إذا تم تناوله
باعتدال، الشاي الأسود، على سبيل المثال، يحتوي على مضادات أكسدة تساعد في تقليل
خطر الإصابة بالنوبات القلبية وأمراض الشرايين”.
ويقول كرجي، في
حديث لوكالة شفق نيوز، أن “الشاي يحسن مناعة الجسم، ويُعزز صحة الجلد، ويُحسن
من اليقظة العقلية”.
إلا أن الإفراط
في شرب الشاي، والكلام للكرجي، قد يؤدي إلى بعض الأضرار، مثل تأثيره السلبي على
صحة العظام، وتلف الأسنان، وتحسس المعدة، خاصةً عند تناوله على معدة فارغة.
وبهذا الصدد،
تقول الموظفة رشا العزازي 28 عاماً، إنها “تحتفظ بغلاية وعلبة شاي أخضر سكر دايت لاحتساء الشاي في الصباح
وعند الظهيرة لتحسين المزاج والشعور بالراحة”.
وفي حديث لوكالة
شفق نيوز، تضيف أنها قضت جزءاً من حياتها في أحدى دول الخليج، وأنها اكتسبت منهم
عادة شرب الشاي الأخضر، أما الشاي الاسود هناك يختلف كلياً عن الشاي العراقي،
فالشاي هناك خفيف للغاية ويميل إلى اللون الأحمر.
الشاي في
الأسواق العراقية
تمتاز الأسواق
العراقية، وخاصةً سوق الشورجة في بغداد، بتوفير كميات كبيرة ومتنوعة من الشاي، كما
تم افتتاح مصانع محلية لإنتاج الشاي، ومنها مصنع تم تدشينه عام 2019 بطاقة إنتاجية
تصل إلى 300 طن سنوياً، ما يُعزز استقلالية العراق في هذا القطاع.
الشاي في العراق
ليس مجرد مشروب، بل هو رفيق دائم في الأوقات والمناسبات، من طقوس إعداده إلى طريقة
تقديمه، ومن أغاني التراث إلى فوائده الصحية، يحمل الشاي في ثناياه حكاية عريقة عن
ارتباط العراقيين به وحرصهم على جعله جزءاً أصيلاً من يومهم.
تعليقات