مقال : حمامة الصنوي – التمكين السياسي للمرأة اليمنية.. ممكنات تحقيقه وتأثيراته الإيجابية
شكرا لمتابعتكم خبر عن مقال : حمامة الصنوي – التمكين السياسي للمرأة اليمنية.. ممكنات تحقيقه وتأثيراته الإيجابية
بادئ ذي بدء، لا يمكن الحديث عن التمكين السياسي للمرأة اليمنية دون الإشارة إلى الدور الهام الذي يجب أن تؤديه كل من منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية في هذا المجال.
تُعدّ هذه المكونات من أهم القنوات التي تستوعب المرأة وتؤهلها، مما يسهم في رفع قدراتها وبناء إمكانياتها لتشارك بفعالية في صناعة القرار بمختلف مستويات السلطة، حتى تكون نموذجًا مشرفًا لريادة المرأة في المحافل المحلية والدولية وتصل إلى المكانة اللائقة بها.
والبداية من منظمات المجتمع المدني التي تنشط في مجال حقوق المرأة، حيث يقع على عاتقها مسؤولية الارتقاء بأدائها إلى مستوى يليق بأهمية القضية. عليها اتخاذ خطوات جدية في تأهيل المرأة سياسيًا من خلال استضافة كوادر وخبراء متميزين ممن تدرجوا في مناصب قيادية، خاصةً من العناصر النسائية للاستفادة من تجاربهم.
بالتوازي مع هذا، يجب أن تضغط هذه المنظمات على الأحزاب السياسية لضمان تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 30% في مختلف مواقع الهرم القيادي، لما في ذلك من أهمية لتكسب المرأة خبرات في العمل السياسي والتنظيمي. كما أن الأحزاب السياسية ملزمة بالقيام بدورها في تأهيل المرأة وصقل إمكانياتها، إلى جانب منظمات المجتمع المدني، مع العمل على الضغط على الحكومة لاستيعاب المرأة في مختلف مواقع اتخاذ القرار، بدءًا من المستويات المحلية وصولًا إلى أعلى هرم السلطة، تحقيقًا لمخرجات الحوار الوطني الشامل.
وتقع على منظمات المجتمع المدني مسؤولية استخدام كافة الإمكانيات المتاحة، بما في ذلك المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، لخلق رأي عام قوي ومؤثر ينقل هذه القضية من مستوى الخطاب المستهلك إلى المستوى الذي يليق بأهميتها وجديتها.
إن التمكين السياسي للمرأة أمر بالغ الأهمية، وليس محصورًا بمنح المرأة حدًّا أدنى من المناصب الحكومية أو ما يعرف بـ”الكوتا”، بل تكمن أهميته الحقيقية في أثره العميق على تغيير الوعي الاجتماعي تجاه المرأة تغييرًا جذريًا وشاملًا.
فعندما يلاحظ المجتمع مشاركة المرأة الواسعة في مختلف مواقع القرار الحكومي، خصوصًا على المستويات التي تحتك مباشرة بالمجتمع، سيتغير نظرته تجاهها بصورة إيجابية وديناميكية، ليصل إلى الاعتراف بأهمية الاستثمار في تعليم وتطوير الفتيات، بدلًا من النظرة القاصرة التي ترى الفتاة كـ”مشروع زواج” فحسب. هذه النظرة الخاطئة أدت إلى مشاكل عديدة، منها الزواج المبكر، وهي مشاكل مترابطة ومتراكمة تحتاج إلى التمكين السياسي كأحد الحلول الأساسية لتفكيكها.
ومما لا شك فيه أن التمكين السياسي ليس الحل الوحيد، لكنه يعدّ المفتاح الرئيسي الذي يقود إلى تمكين المرأة في كافة المجالات: الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، والتعليمية، بغض النظر عن موقعها أو مستواها التعليمي. ولتحقيق هذا الهدف، يجب العمل على إزالة كافة المعوقات، بدءًا من وضع إطار تشريعي يمنح المرأة حقوقها الطبيعية، والتصدي لثقافة الانحياز السلبي للرجل، التي كرست موروثًا مظلمًا على حساب الإرث الإيجابي.
بهذا، نواجه قضية متشابكة، تحتاج من المهتمين بها إلى الإلمام بجذورها ومعرفة مفاتيح الحل والتدرج المرحلي لتحقيق حل شامل ومستدام.
تعليقات