كشف تقرير بحثي دولي تفاصيل العالم السري لـ ميليشيا الدعم السريع في السودان، ونشر فريق “التقييم الأساسي للأمن الإنساني”، وهو مشروع بحثي مدعوم من قبل وزارة الخارجية الأمريكية والنرويجية، تقريراً مفصلاً بعنوان “جمهورية الكادمول”، يكشف من خلاله عن معلومات صادمة حول ما يجري داخل مؤسسات الميليشيا في السودان.
وتخوض الدعم السريع منذ الخامس عشر من أبريل 2023 انقلابا مسلحا ضد الجيش السوداني ما أسفر عن مصرع وإصابة عشرات الآلاف من السودانيين بحانب تهجير الملايين داخل وخارج السودان.
يوم دموي في السودان.. ماذا حدث في سوق أم درمان الشعبي؟
يقدم هذا التقرير، نظرة نادرة وعميقة إلى العالم السري لهذه الجماعة المسلحة، ويركز بشكل خاص على أوضاعها المالية وهيكل قيادتها وسيطرتها، بالإضافة إلى المشكلات والتحديات التي تواجهها.
العالم السري للدعم السريع
يستند التقرير، الذي يقع في 20 صفحة، إلى مقابلات ميدانية حصرية مع شخصيات لم يتم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، بالإضافة إلى أفراد من قوات الدعم السريع أنفسهم.
وقد تحدث هؤلاء الأشخاص بصراحة عن موضوعات داخلية حساسة، مثل استراتيجيات التجنيد التي تتبعها الجماعة، ومنظورها لأهداف الحرب، والمشاكل المعقدة المتعلقة بالقيادة والسيطرة.
ما المقصود بالكادمول
يشير مصطلح “الكادمول” في التقرير إلى حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي تعيشها المناطق التي تسيطر عليها قوات حميدتي، ويعكس هذا المصطلح الواقع المرير الذي يواجهه المدنيون في هذه المناطق، حيث يعانون من انعدام الأمن وانتشار الفوضى والعنف.
كما يشير المصطلح إلى تورط الميليشيا في أنشطة غير قانونية، مثل النهب والابتزاز، لتمويل حربها.
كما أن مصطلح “الكادمول” يحمل دلالات متعددة في السياق السوداني. فبالإضافة إلى استخدامه في التقرير للإشارة إلى حالة الفوضى، يُستخدم أيضاً للإشارة إلى نوع من اللباس الشعبي الذي يرتديه بعض السودانيين، وخاصة في مناطق دارفور، ويتكون هذا اللباس من قطعة قماش كبيرة تغطي الرأس والوجه، وتستخدم للحماية من الشمس والرياح.
إلا أنه مع تصاعد حدة النزاع في دارفور، بدأ استخدام هذا اللباس من قبل بعض الجماعات المسلحة لإخفاء هويتها، مما أدى إلى ربط مصطلح “الكادمول” بالعنف والفوضى.
وفي هذا السياق، يأتي استخدام المصطلح في التقرير ليكشف عن الوجه الآخر لقوات الدعم السريع، الذي يعتمد على العنف والترهيب لتحقيق أهدافه.
أمريكا وتجميد أموال الدعم السريع
يؤكد التقرير ما تم تداوله سابقاً حول تأثير تجميد أمريكا لأموال الدعم السريع، وكيف أن ذلك دفع الجماعة إلى الاعتماد على النهب لتمويل حربها.
ويكشف التقرير عن أن الحفاظ على التحالف “الهش” داخل الميليشيا يتطلب “اقتصاداً سياسياً مفترساً”، وهو أمر بالغ الأهمية لفهم الديناميكيات العسكرية الحالية في السودان.
الدعم السريع منظمة قائمة على النهب
يشير التقرير إلى أن قوات الدعم السريع، بدلاً من إنشاء مؤسسات حكومية فاعلة، وجدت نفسها في قمة اقتصاد حرب، تنغمس فيه بالمتاجرة بالسلع النادرة واستغلال السكان الضعفاء في المناطق التي تسيطر عليها.
ويصف التقرير كيف أن قوات الدعم السريع قد تحولت إلى “نظام ريادي للتراكم المفترس”، حيث يعتمد قادتها على استغلال موارد البلاد ونهب ثرواتها لتحقيق مكاسب شخصية.
عدم القدرة على الإلتزام بوقف اطلاق النار
يقدم التقرير مجموعة من النتائج الرئيسية التي تستدعي اهتمام المجتمع الدولي، ومنها تفاقم الانقسامات الاجتماعية والعرقية بالسودان حيث أدت عمليات التجنيد التي قامت بها قوات الدعم السريع منذ عام 2022 إلى تمزق النسيج الاجتماعي وتفاقم مشاكل القيادة والسيطرة داخل قوات الدعم السريع.
كما يحذر التقرير من أنه حتى في حالة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، فإن قيادة الميليشيا لن تتمكن من الالتزام به، بسبب الانقسامات الداخلية والتغيرات في طبيعة الصراعات في دارفور وجنوب كردفان.
رواتب الدعم السريع ونهب السودانيين
ويشير التقرير إلي تدهور الأوضاع المالية للمقاتلين نظرا لتخفيض مخصصات ومرتبات المقاتلين، مما أدى إلى انعدام الحافز المادي للتضحية، وتدني مستوى المرتبات بشكل كبير مقارنة بما كان يتقاضاه الأفراد في السابق، وهو ما تم معالجته بشكل أسوء حيث تم السماح للقوات المدمجة حديثاً بممارسة النهب وتجميع الغنائم كبديل عن المرتبات المتناقصة.
يتضح من التقرير أن الميليشيا تعتمد على نظام اقتصادي قائم على النهب، وأن “آلة الحرب” التابعة لها تعمل على تدمير إمكانية وجود دولة سودانية.
كما تقوم القوات باستغلال السكان الضعفاء حيث أنشأت قوات حميدتي هياكل عمل في المناطق التي تسيطر عليها تجعل السكان الفقراء يعتمدون على الميليشيا، مما يجعلهم عرضة للاستغلال.
اقرأ أيضا
على غرار النظام السوري.. الدعم السريع يلجأ للمخـ درات لتمويل الحرب بالسودان