بغرف مظلمة وخلف الشاشات.. فخ الاحتيال الرقمي يؤلم شباب العراق
2025-01-25T12:28:43+00:00
شفق نيوز/ رغم كم التحذيرات الحكومية إلا أن عمليات التداول بالعملات الرقمية المشفرة وغير المشفرة في العراق ما تزال منتشرة وخاصة بين فئة الشباب، بحثًا عن الربح السريع، دون الاخذ بنظر الاعتبار الاجراءات القانونية التي قد تتخذ بحقهم أو الاحتيال الذي قد يتعرضون له.
تتم عمليات التداول بالعملات الأجنبية في غرف الإنترنيت ولا تخضع لشروط وضوابط البنوك، ما يجعل الاحتيال امرا ممكناً، إذ أفرز العام المنصرم عشرات الشباب الذين خسروا أموالهم عبر التداول بالعملات الرقمية.
سجى الساعدي (20 عاماً) إحدى الفتيات التي كانت ضحية شركات التدوال الوهمية، أكدت لوكالة شفق نيوز، أنها كانت تملك مبلغ 5 ملايين دينار جمعتها من عملها، ودفعتها إغراءات شركات تداول العملات الرقمية إلى المغامرة بهذا المبلغ بغية تحقيق الأرباح.
وبدل الربح المزعوم، خسرت سجى كل شيء في ثانية واحدة بعد أن تم الاحتيال عليها بسبب قلة خبرتها في مجال التداول.
لم تخف سجى، شعورها بالخيبة والحزن لأنها خدعت وخسرت كل ما تملك، ولم تكن ثمة طريقة لاسترجاع المال لان عمل مثل هذه الشركات غير مسموح به في العراق، لذا لم يكن بوسعها اللجوء الى مراكز الشرطة، وفق قولها.
التاجر عبد الأمير خليل (45 عاما)، قصة أخرى كانت نهايتها خسارة ثقيلة، بعد أن تعرض لاحتيال مالي كبير، كلفه أكثر من 250 الف دولار.
أوجز هذا التاجر قصة الاحتيال، بانه كان يرتبط بعمل تجاري مع شركات في دبي، وبحثاً عن السهولة باستلام الاموال والبضائع وتحويلها وهرباً من إجراءات المصارف والبنوك، لجأ الى شركات التداول الرقمية.
وأوضح خليل، خلال حديثه للوكالة، أن مبلغ تعاملاته مع شركة تجارية وصل إلى 250 ألف دولار، وقرر تحويل المبلغ عبر شركات التداول الرقمي، وبعد إرسال المبلغ تواصل مع شركة التداول المزعومة ولم يجد لها أي أثر وفوجئ بمحو الحساب من الإنترنيت.
بذل هذا التاجر ، وفق مايقول، جهوداً كبيرة مع عدد من التقنيين والأصدقاء داخل العراق وخارجه، من اجل استرجاع المبلغ ولكن دون جدوى لأن عميلة التداول كانت مشفرة.
وكان البنك المركزي العراقي، قد أعلن العام الماضي أنه لا يمنح رخصة لشركات التداول بالأسهم والمعادن والعملات المشفرة، وأنه ماض في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق الشركات الوهمية.
وحذر المركزي العراقي، حينها، المواطنين من وجود شركات وهمية للتداول الإلكتروني بالأسهم تدَّعي أنها مرخصة من قبل البنك لغرض الاستثمار والتداول في العملات الرقمية والأسهم والذهب والنفط من خلال بث فيديوهات ومنشورات وهمية.
واستناداً إلى قرار البنك المركزي العراقي، يمنع استخدام البطاقات والمحافظ الإلكترونية لغرض المضاربة والتداول بالعملات الرقمية بجميع أنواعها لما يترتب عليها من مخاطر على المتعاملين بها فضلا عن إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني وضمان التطبيق الأمثل لإجراءات العناية الواجبة المشار إليها في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (39) لسنة 2015.
في السياق، نبه الخبير الاقتصادي علي دعدوش، إلى أن شركات تداول الفوريكس التي تستهدف العراقيين لا تخضع لرقابة البنك المركزي العراقي أو أي جهة تنظيمية أخرى.
ولفت دعدوش، في تصريح لوكالة شفق نيوز، الى عدم وجود إطار قانوني لتداول الفوريكس في العراق، ولا وجود لأي تنظيم محدد حتى الآن يتعلق بالتداول.
وبين أن التداول بالعملات الرقمية المشفرة وغير المشفرة ينطوي على أرباح عالية للمتمرسين وذوي الخبرة، لكنه لا يخلو من مخاطر عالية على غير المتمرسين، وانه يجب على الشباب العراقي أن يكونوا حذرين للغاية، وأن يتعلموا جيدًا قبل الدخول في هذا السوق.
ووفق دعدوش، فإن الفرق بين العملات الرقمية المشفرة وغير المشفرة هو أن العملات غير المشفرة تكون مكشوفة وتخضع لقوانين البنوك، ويمكن في حال اشتباه البنك بمصدر المال او اكتشاف حالات غش إيقاف التحويلات، على العكس من العملات المشفرة التي تتم بغرف الإنترنيت المعتمة وترتكب بها جرائم غسيل الأموال والمخدرات وسواها، ولا مجال للسيطرة على العملات الرقمية المشفرة ومن الصعب كشف المتحايلين او استراد الأموال.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن سوق العراق للأوراق المالية منظم لتداول الأسهم والسندات فقط، وليس لتداول العملات الأجنبية (الفوركس).
ولا يخلو التدوال بالعملات الرقمية من فوائد وفق دعدوش، كونها تخفض سقف الزمن والتكاليف، لكنها تتطلب خبرة ومهارة في التعامل، وما يزال المجتمع العراقي لا يثق كثيراً بشركات التداول الرقمي، مؤكداً أن منع شركات الفوركس يأتي لحماية الاقتصاد الوطني وحماية المواطنين على حد سواء.
ونصح الخبير الشباب بتعلم المهارات المالية للتداول بشكل عام والتحليل المالي بشكل خاص، فضلا عن إدارة المخاطر، وفهم أعمق للاقتصاد العالمي والتداول بمبالغ صغيرة جدا مع شركات رصينة ومعروفة في بلدانها وانتظار التشريعات القانونية الجديدة لتداول الفوركس في العراق.
ويتم استخدام العملات الرقمية في الدفع الالكتروني وتحويل الأموال دون وسطاء ودون الخضوع لقوانين البلدان الداخلية، ما يفتح باب الجرائم والاحتيال واسعاً بمثل هذه التعاملات، خاصة فيما يتعلق بالعملات المشفرة.
ومنع العراق عام 2022 استعمال البطاقات والمحافظ الإلكترونية لغرض المضاربة والتداول بالعملات الرقمية بجميع أنواعها وليس المشفرة فقط، بسبب المخاطر الكبيرة من رواج هذا النوع من التعاملات المالية خارج الغطاء القانوني.
وبرزت ظاهرة التداول الرقمي بالعملات الاجنبية إثر الأزمة الاقتصادية التي عصفت في البلاد، ودعت البنك المركزي لمنع التداول بالدولار بغية استقرار سعر الصرف.
ولا توجد احصائيات بعدد الأشخاص الذين تم التحايل عليهم وسرقة أموالهم بالتعاملات الرقمية، لكن خبراء الاقتصاد يؤكدون أن أعداد الضحايا كبيرة، ولا توجد طرق قانونية لاسترداد أموالهم، لان القانون العراقي يحظر التعامل مع الشركات التي تتعامل بالتداولات الرقمية المشفرة وغير المشفرة.
تعليقات