رغم عمرها الذي لم يتخط الـ17 عاما، إلا أنها شاهدت حروبا ومشاهد مروعة لا يشهدها إنسان أخر قد يكون عمره أكثر من 70 عاما في دولة أخرى مستقرة وأمنة، فحجم الآلام التي تعرضت لها أكبر من أن يتخيله أحد، فمنذ أن كان عمرها عاما واحدا شهدت العدوان الإسرائيلي على غزة في 2008، وإن لم تع الجرائم المروعة التي ارتكبتها إسرائيل في بلادها لأنه كانت ما زالت رضيعة، إلا أنها شاهدت بعينها الدمار وهي بعمر 7 سنوات خلال عدوان 2014، لتصاب بالفشل الكلوى وهي بعمر 15 عاما فقط، المعاناة لم تتوقف عند هذا الحد بل جاء العدوان الأخير ليزيد من مأساتها ويتسبب بتوقف جلسات الغسيل الكلوى وانقطاع العلاج والنزوح وفقدان الأهل والأقارب، لتواصل حياتها القاسية التي بدأت منذ أن ولدت ولا يبدو أن هناك آفق لوقف تلك المعاناة، هذه ببساطة قصة زينة العامودي النازحة في مدينة غزة.
اقرأ أيضا:
الشتاء القارس يفاقم أوضاع أهالى غزة.. البرد يفتك بالرضع.. انعدام الأمن الغذائى بين الأمهات يظهر أمراض جديدة بين الأطفال.. الاحتلال الإسرائيلى يواصل حصار القطاع لليوم الـ447.. ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء
بحسب بيان لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة ، فهناك نحو 1100 مريض فشل كلوي يتلقون العلاج وجلسات الغسيل الكلوي في 7 مراكز متخصصة موزعة على أنحاء القطاع، ومع تصاعد العمليات العسكرية، دمرت قوات الاحتلال غالبية هذه المراكز، تاركة فقط قسمين عاملين في مستشفيي شهداء الأقصى وأبو يوسف النجار، مؤكدة أن وقف جلسات غسيل الكلى يؤدي إلى تراكم السوائل والسموم في الجسم، مما يؤثر سلبًا على عضلة القلب ويسبب اختلافًا في نسبة الأملاح وضعفًا في الدم وضيقًا في التنفس، وفي الحالات الشديدة، قد يؤدي ارتفاع نسبة الفوسفور والبوتاسيوم إلى الوفاة.
من خلال تواصلنا مع 9 شخصيات بينهم مرضى بالفشل الكلوى يعيشون في غزة ومسئولين بالقطاع الصحى الفلسطيني ورؤساء مستشفيات بالقطاع خلال حلقتين، كشفوا حجم معاناة تلك الفئة غير القليلة، وانهيار المنظومة الصحية وعدم قدرتها على تقديم الخدمات اللازمة لهؤلاء المرضى، وعدم توافر الأطعمة الصحية والأدوية، مما يتسبب في زيادة حالات الوفيات وكذلك ظهور حالات جديدة من المرضى في ظل استمرار القصف وحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي.
المراكز المتخصصة في تقدم خدمات لمرضى الغسيل الكلوى في غزة
اقرأ أيضا:
استشهاد 3 رضع فى غزة بسبب البرد القارس.. الإعلام الحكومى: ارتقاء 5 صحفيين فلسطينيين فى قصف للاحتلال على وسط القطاع.. وزير إسرائيلى متطرف يقتحم المسجد الأقصى.. ومحافظة القدس يحذر: تل أبيب تسعى لإشعال حرب دينية
زينة العامودي تعانى من قلة جلسات الغسيل
وتقول “زينة كمال العامودي”، في تصريحات لـ”اليوم السابع”، إنها تذهب للغسيل الكلوى منذ عام ونصف بعد إصابتها بالفشل الكلوى، وكان هناك انتظام في عملية الغسيل والعلاج حتى جاءت الحرب الإسرائيلية وتدمر معها مستشفى الشفاء الطبي ومستشفى كمال عدوان وتنقطع جلسات الغسيل الكلوى.
“تعرض للموت أربع مرات بعد انقطاع خدمات مستشفى الشفاء وكمال عدوان، ونقص الطعام الصحي مما أثر على صحتى بالسلب وزادت شدة المرض، وأصبحت لا أجد المواصلات التي أذهب من خلالها للمستشفى لإجراء الغسيل”، هنا تتحدث زينة العامودي عن معاناتها اليومية التي أصبحت أشبه بالجحيم وهي تشاهد بعينها القصف والأشلاء في الشوارع خلال ذاهبا لمستشفى الشفاء الطبي للعلاج، بعد أن عادت للخدمة مؤخرا عقب انسحاب الاحتلال منها.
المريضة زينة العامودي
اقرأ أيضا:
اليونيسيف تتسأل: كم من الأطفال يجب أن يموت فى غزة حتى يستيقظ العالم؟
وتضيف :” أجرى جلسة غسيل كلوى مرتين أسبوعيا الآن وحالتي الصحية أصبحت صعبة للغاية، منذ شهور طويلة لم تتحسن بسبب الطعام غير الصحى الذي أتناوله يوميا والذي يؤثر بشكل كبير على الكلى، وجلستين أسبوعيا لم تعد كافية وجسمي لم يعد يتحمل زيادة سوء وضع وأحتاج زيادة عدد الجلسات لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، واضطر للسير مشيا على الأقدام حتى أصل إلى مستشفى الشفاء لعدم وجود مواصلات والحالة الصحية لا تسمح بالذهاب كل هذه المسافة الكبيرة من المخيم للمستشفى مرتين في الأسبوع” .
التقرير الطبي لزينة مريضة الفشل الكلوى
وتؤكد زينة العامودي، أن الطبيب أبلغها بأن حالتها الصحية تتطلب غسيل ثلاث مرات أسبوعيا ولكن بسبب زيادة عدد المرضى وقلة أجهزة الغسيل لم تعد المستشفى قادرة إلا على إجراء جلسات غسيل مرتين فقط أسبوعيا، متابعة :”اضطر للوقوف طابور طويل في كل مرة أذهب فيها للعسيل وأحيانا أذهب وأعود للمخيم ولا استطيع الغسيل نظرا لعدم وجود كهرباء أو مياه، وأبلغنا الدكتور غازي اليازجي رئيس قسم الكلى بمجمع الشفاء الطبي في غزة بأننا قد نضطر للغسل مرة واحدة أسبوعيا بسبب انقطاع السولار وهو ما سيمثل كارثة على مرضى الغسيل الكلوى”.
في 3 أبريل الماضي، أصدرت مؤسسة القانون من أجل حقوق الإنسان الفلسطينية “الحق” ، تقريرا عن واقع مرضى الفشل الكلوي في غزة، مشيرة إلى تدمير 5 مراكز متخصصة في تقديم خدمات الغسيل الكلوي من أصل 7، مع استمرار النقص الحاد في الأدوية، والمستلزمات الطبية، واستمرار العراقيل، ومهاجمة المناطق السكنية، والتهجير القسري للسكان، وإجبار المرضى على مغادرة المستشفيات بغض النظر عن حالتهم الصحية في تعمد لقتلهم، وهو ما تسبب فعليا في وفاة العديد منهم، نتيجة عدم قدرتهم على تلقي العلاج، وسوء التغذية الناجم عن سياسة التجويع.
مرضى الفشل الكلوى في غزة
وكشفت المستشفيات والمراكز التي كانت تجرى جلسات غسيل كلوى في القطاع وهم، مجمع الشفاء الطبي، ومركز نورة الكعبي في شمال غزة، ومستشفى الرنتيسي للأطفال، ومستشفى القدس، ومستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، ومجمع ناصر الطبي بخان يونس، ومستشفى أبو يوسف النجار بمدينة رفح، مشيرة إلى هناك 18 مريضاً توفوا في غزة نتيجة عدم قدرتهم على تلقي العلاج وجلسات الغسيل الكلوي في المراكز والمستشفيات، فيما استشهد 10 منهم نتيجة الهجمات العسكرية.
وأوضحت أن استمرار النقص والعجز في الأدوية والمستلزمات والمستهلكات الطبية، وخاصة الأدوية المثبطة للمناعة، تهدد حياة المرضى بما فيهم 500 مريض تمكنوا من زراعة كلى داخل وخارج فلسطين، موضحة أن هؤلاء المرضى معرضون لطرد أجسامهم للكلية المزروعة أو فشل عملها ويخشى أن يعودوا لغسيل الكلى حال استمرار هذا العجز في الأدوية.
معدل عدد أسرة المستشفيات في غزة لكل 10000 من السكان
القانون الدولى يلزم الاحتلال تزويد السكان بالإمدادات الطبية
وفقا لاتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب والصادرة في 12 أغسطس 1949، تنص المادة الـ55، إنه من واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، على تزويد السكان بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية، ومن واجبها على الأخص أن تستورد ما يلزم من الأغذية والمهمات الطبية وغيرها إذا كانت موارد الأراضي المحتلة غير كافية، كما لا يجوز لدولة الاحتلال أن تستولي على أغذية أو إمدادات أو مهمات طبية مما هو موجود في الأراضي المحتلة إلا لحاجة قوات الاحتلال وأفراد الإدارة، وعليها أن تراعي احتياجات السكان المدنيين، ومع مراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية الأخرى، تتخذ دولة الاحتلال الإجراءات التي تكفل سداد قيمة عادلة عن كل ما تستولي عليه.
كما تنص المادة الـ56 من ذات القانون أنه من واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، وبمعاونة السلطات الوطنية والمحلية، على صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات وكذلك الصحة العامة والشروط الصحية في الأراضي المحتلة، وذلك بوجه خاص عن طريق اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة. ويسمح لجميع أفراد الخدمات الطبية بكل فئاتهم بأداء مهامهم، إذا أنشئت مستشفيات جديدة في الأراضي المحتلة حيث لم تعد الأجهزة المختصة للدولة المحتلة تؤدي وظيفتها، وجب على سلطات الاحتلال أن تعترف بهذه المستشفيات عند الاقتضاء على النحو الوارد في المادة 18، وفي الظروف المشابهة، تعترف سلطات الاحتلال كذلك بموظفي المستشفيات ومركبات النقل بموجب أحكام المادتين 20 و21، ولدى اعتماد وتطبيق تدابير الصحة والشروط الصحية، تراعي دولة الاحتلال الاعتبارات المعنوية والأدبية لسكان الأراضي المحتلة.
فيما تنص المادة الـ57 من القانون، أنه لا يجوز لدولة الاحتلال أن تستولي على المستشفيات المدنية إلا بصفة مؤقتة وفي حالات الضرورة العاجلة للعناية بالجرحى والمرضى والعسكريين، وشريطة أن تتخذ التدابير المناسبة وفي الوقت الملائم لرعاية وعلاج الأشخاص الذين يعالجون فيها وتدبير احتياجات السكان المدنيين، و لا يجوز الاستيلاء على مهمات ومخازن المستشفيات المدنية مادامت ضرورية لاحتياجات السكان المدنيين.
تقرير طبي لحالة المريض عبد الغني الشامي
عبدالغني الشامي زاد الاحتلال من سوء حالته وينتظر العلاج خارج غزة
عاش “عبد الغني الشامي” في معاناة مستمرة على مدار 8 سنوات، منذ أن أبلغه الطبيب أنه يعاني من مرض وراثي وهو التكيس الكلوى تسبب في ضعف شديد في الكلى مع مرور الوقت حتى جاء 7 أكتوبر 2023، ليزداد مع ألم المرض، مأساة القصف والفقد والنزوح المستمر والعيش على أنقاض المنازل ودمار المستشفيات، فبعد أن كان يذهب بشكل مستمر لمستشفى الشفاء الطبي لإجراء غسيل كلوى، فمع خروج الغالبية العظمى من مستشفيات القطاع عن الخدمة وتحويل الشوارع لثكنات عسكرية لجنود الاحتلال أصبح الذهاب المستمر للمستشفى رحلة محفوفة المخاطر.
8 سنوات، تردد فيها “الشامي” على العديد من المستشفيات ليست الفلسطينية فقط بل أيضا تردد على مستشفى جامعة المنصورة، قبل أن يعود لغزة للتسجيل في برنامج زراعة الكلى، إلا أن نشوب الحرب عرقل عملية تسجيله في البرنامج، ليزداد تراجع الحالة الصحية مع نقص الأدوية وعدم المتابعة الطبية، لينتظر السفر للعلاج خارج القطاع بعد حصوله على تحويلة طبية من قبل منظمة الصحة العالمية.
ويقول عبد الغني الشامي عن رحلة معاناته مع الفشل الكلوى منذ سنوات في تصريحات لـ”اليوم السابع” :”اكتشفت في عام 2017 أني أعاني من مرض التكيس الكلوي وهو مرض وراثي يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وبدأت رحلة العلاج وكانت بداية الحالة مستقرة وعلاجها الوحيد فقط الحصول على دواء ضغط الدم وشرب المياه مع مواصلة المتابعة والتحاليل، ولكن مع مرور السنوات ضعفت الكلى كثيرا وأصبح من الضروري زراعة كلى، وتوجهت في عام 2022 للعلاج في مستشفى جامعة المنصورة بمصر حيث نصحني الأطباء هناك التسجيل في برنامج زراعة الكلى بغزة قبل تفاقم الحالة”.
تقرير طبي لحالة عبد الغني الشامي
“تابعت مع الأطباء في غزة، حيث بدأت الحالة في التراجع بعد التحاليل السيئة لوظائف الكلى، ومع اندلاع الحرب زادت الأمور سوءا في ظل حصار شمال غزة حيث اعتمدت على نظام غذائي لإطالة أمدها لحين عمل عملية زراعة كلى ولكن سوء التغذية خلال 13 شهرا من الحرب وسوء جودة المياه النقية زاد الحالة سوءا”، هنا يتحدث عن تدهور حالته بشكل كبير مع نقص الدواء ودمار المستشفيات.
وتابع: “اضطررت قبل شهور إلى اللجوء لغسيل الكلى بعد تدهور حالتي لأتحول إلى مريض كلى يغسل كلى مرتين في الأسبوع مدة كلى مرة 4 ساعات مع متابعة صحية على مدار الساعة”، مضيفًا “حصلت في أبريل الماضي على تحويلة طبية من وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله مع تغطية شاملة لإجراء عملية زراعة كلى لكن مع استمرار إغلاق المعابر الحدودية لا سيما معبر رفح لم أتمكن من مغادرة شمال غزة في ظل تدمير المنظومة الصحية في غزة ولا زالت انتظر اسمي على قائمة الانتظار بحسب منظمة الصحة العالمية التي تواصلت معي قبل شهور”.
ويشرح خطورة مرور الوقت بدون علاج أو متابعة طبيب لحالته، خاصة مع صعوبة وصوله للمستشفى لإجراء الغسيل الكلوى بشكل مستمر، حيث يقول :”الوقت سيف مسلط على رقبتي، وبعدما كانت حالتي مستقرة في ظل نظام غذائي جيد ومتابعة صحية، إلا أن انهيار المنظومة الصحية في غزة جعل حالتي تسوء، وما زالت انتظر فتح المعابر الحدودية للسفر لإجراء عملية زراعة الكلى وهي الحل الوحيد لحالتي إلى جانت الغسيل، وكلما تأخر في السفر ساءت حالتي الصحية”.
تقرير طبي لوزارة الصحة الفلسطينية حول حالة عبد الغني الشامي
وبشأن الأدوية التي يحصل عليها للتخفيف من آلامه يوضح أن الأدوية بعضها متواف، حيث يحصل على دواء الضغط وهو متوفر ولم ينقطع لكن سوء جودة المياه أثر على الحالة الصحية، بجانب عدم توفر الغذاء المناسب، خاصة الخضار لأن شمال غزة لا يدخله سوى طحين ومعلبات منذ عام، قائلا :”كنت أراهن أن النظام الغذائي يطيل عمر الكلى ولكن ما حدث أدى إلى تفشي المرض بسرعة، وتحويلي إلى مريض فشل كلوي وجلوسي على ماكينة غسيل الكلى مرتين في الأسبوع لإجراء عملية تنقية الدم من السموم والشوائب لحين ما اتمكن من مغادرة غزة وإجراء عملية زراعة الكلى”.
ويؤكد الشامي، أنه قبل الحرب كان برنامج زراعة الكلى يسير بشكل جيد بالتعاون ما بين مستشفى الشفاء الطبي ومستشفى مانشستر البريطاني، وتم إجراء 120 عملية في غزة ضمن برنامج واضح، متابعا: “كان يفترض أن أسجل في هذا البرنامج لكن اندلاع الحرب وتدمير مستشفى الشفاء والمنظومة الصحية أنهى كل شيء، لذلك انتظر السماح لي بالسفر وإجراء عملية زراعة الكلى خارج غزة بانتظار ذلك”.
ويشير إلى أن قسم غسيل الكلى في مجمع الشفاء الطبي عاد للعمل بشكل جزئي منذ ستة أشهر، حيث يوجد فيه 25 مريضا بانتظام وهناك جدول لعمل القسم لكن يعمل فترة واحدة فقط وهي الفترة الصباحية في الوقت الذي فيه عدد المصابين الذين يحتاجون لغسيل كلوى كثيرين.
تواصلنا مع مكتب منظمة الصحة العالمية في فلسطين، للحديث عن حجم التحويلات الطبية التي أصدرتها المنظمة للمصابين في غزة، والوضع الصحفي في القطاع، وعدد الحالات التي استطاعت السفر للعلاج خارج القطاع، والأكثر الأمراض التي تتطلب سرعة تحويلات طبية، إلا أن مكتب المنظمة لم يرد على استفساراتنا حتى كتابة هذه السطور.
نقص أدوية الغسيل الكلى والأدوية المثبطة للمناعة
هنا يؤكد الدكتور غازي أنور بدوى اليازجي رئيس قسم الكلى بمجمع الشفاء الطبي في غزة ، أن وضع مرضى غسيل الكلى صعب للغاية لأن هناك نقص شديد في أجهزة غسيل الكلى، موضحا أن وحدة غسيل الكلى التي تعمل في شمال غزة توجد في مجمع الشفاء الطبي وتخدم 64 مريضا فقط يعالجون بمعدل جلستين في الأسبوع بدلا من 3 جلسات لأن عدد الأجهزة غير كافي يغطي كل المرضى.
ويضيف رئيس قسم الكلى بمجمع الشفاء الطبي في غزة في تصريحات خاصة لـ”اليوم السابع”، أن مرضى الغسيل الكلوى يحتاجون للغسيل 3 جلسات أسبوعيا كل جلسة 4 ساعات، متابعا :”بسبب النقص في عدد غسيل الأجهزة نجرى جلستين لكل مريض أسبوعيا بمعدل 4 ساعات ولدينا نقص في المستلزمات الطبية اللازمة لمرضى غسيل الكلى لتشغيل هذه الأجهزة ولدينا نقص في الأدوية اللازمة لمرضى غسيل الكلى”.
عدد المرضى في قطاع غزة
ويؤكد أيضا أن هناك نقص في الأدوية المثبطة للمناعة لمرضى زراعة الكلى، موضحا أن الوضع في غزة صعب للغاية خاصة لمرضى غسيل الكلى وزراعة الكلى والقصور الكلى والمرضى المزمنين أصحاب الضغط والسكر .
معاناة مرضى الفشل الكلوى في غزة
انخفاض عدد وحدات غسيل الكلى بمقدار 65 %
من جانبها تؤكد مدير دائرة إحصاءات النوع الاجتماعي في الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، انخفاض عدد وحدات غسيل الكلى في غزة بمقدار 65 % مقارنة بعام 2022، موضحة أن الانخفاض الأكبر حدث في شمال غزة ومدينة غزة بنسبة 83%، حيث توقفت خدمة غسل الكلى نهائيا في مستشفى الرنتيسي والأندونيسي وأبو يوسف النجار وهو ما يعرض 1100 مريض إلى خطر الموت.
“هناك أربع وحدات غسيل كلى في مستشفى القدس التابع للهلال الأحمر الفلسطيني توقفت عن الخدمة، بجانب خروج مستشفى الرنتيسي المقدم الوحيد لخدمة الغسيل الكلوى للأطفال عن الخدمة وتدمير جميع وحدات الغسيل الكلوى البالغ عددها 14 وحدة”، هنا تكشف “عودة” في تصريحات خاصة لـ”اليوم السابع” الواقع المؤلم لمرضى الفشل الكلوي، مؤكدة أنه تم تسجيل حالات وفاة سببها عدم حصول المرضى على خدمة غسيل الكلى.
وتشير مدير دائرة إحصاءات النوع الاجتماعي في الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى انخفاض عدد مراجعى مراكز الرعاية الصحية الأولى مقارنة بالسنوات السابقة، حيث شكل عدد مراجعى مراكز رعاية الأم والطفل في فترة ما بعد العدوان حوالي 18 % من عدد مراجعى هذه المراكز قبل العدوان، مؤكدة بلوغ عدد المستشفيات العاملة في غزة 35 مستشفى في نهاية 2022 ولكن استهدافها بشكل مباشر أدى إلى خروج العشرات خارج الخدمة وبعضها يعمل بشكل جزئي وانخفض عدد الأسرة إلى 1207 سريرا وهذه المستشفيات تواجه نقصا حادا في الكوادر الطبية والأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية منذ العدوان الإسرائيلي.
عدد وحدات الغسيل الكلى حسب المستشفى في قطاع غزة
تزايد أعداد مرضى الفشل الكلوى
من بين المستشفيات التي ذكرتها وزارة الصحة الفلسطينية بأنها تقدم جلسات الغسيل الكلوى لمرضى غزة هي مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح التي تكتز بالنازحين وكذلك بمرضى الفشل الكلوى، تلك المستشفى التي تزايد فيها أعداد المرضى بشكل كبير، ليكشف لنا الدكتور خليل الدقران، المتحدث باسم المستشفى وكذلك المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أن أعداد مرضى الفشل الكلوى زاد بشكل كبير منذ بداية العدوان نظرا للمياه الملوثة والمواد الغذائية غير الصحية التي تعتمد على المعلبات.
ويقول “الدقران” في تصريحات خاصة لـ”اليوم السابع”، إن أعداد المرضى زاد بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة نتيجة تلوث المياه، وعدم وجود إمكانيات طبية لعلاجهم بجانب النواقص في أجهزة الغسيل الكلوى وتعطل بعضها بسبب استمرار الاستخدام الكبير لها نتيجة لتضاعف أعداد المرضى المترددين على قسم الكلى، بجانب عدم وجود قطع غيار لإصلاح الأجهزة، موضحا أن مستشفى شهداء الأقصى لا زالت تقدم الخدمة لكن أعداد المرضى تتزايد بشكل كبير في ظل تعطل الكثير من أجهزة الغسيل الكلوى.
“هناك نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية ونقص في الأجهزة والوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية، ونقص بالمواد الغذائية اللازمة والخاصة بمرضى الكلى، بالإضافة إلى صعوبة وصول المرضى للمستشفى بسبب لا يوجد وسائل مواصلات سوى عربات الحمير”، هنا يكشف المحدث باسم وزارة الصحة أبرز الصعوبات التي تواجه مرضى الفشل الكلوى، حيث يشرح طبيعة الأطعمة التي يحتاجها هؤلاء المرضى، قائلا :”لا يوجد خضروات أو فاكهة أو بروتين أو أسماك وأطعمة طازجة، بل المتوافر فقط في القطاع بعض المعلبات والتي تحتوى على مواد حافظة ونسبة الأملاح بها مرتفعة للغاية كي تحافظ عليها وهذا يسبب خطورة كبيرة على حياة هؤلاء المرضى”.
توزيع المستشفيات العاملة في غزة
ويوضح أن مرضى الفشل الكلوى دائما تكون نسبة الهيموجلوبين منخفضة وقوة الدم ضعيفة ويحتاجون إلى مواد غذائية مرتفعة البروتين كي تعوض النقص الكبير في نسبة الهيموجلوبين بالجسم وهم بحاجة بشكل مستمر للتغذية بها جميع أنواع البروتينات واللحوم والأسماك والخضروات وهذا معدوم في غزة”.
وبشأن تأثير تلوث المياه على مرضى الفشل الكلوى وكذلك أجهزة الغسيل يقول “الدقران”:” بالنسبة للغسيل الكلوى في ظل تلوث المياه وشحها تستعين المستشفيات بمحطات معالجة المياه في بعض المناطق البعيدة من المستشفى ويتم نقل المياه المعدنية لداخل المستشفى لإجراء عملية الغسيل، بينما المياه الصالحة للشرب شبه معدومة بين هؤلاء المرضى والنازحين بسبب قصف الاحتلال يوميا لآبار المياه ويقصف محطات التحلية أيضا ونتيجة عدم وجود مياه صالحة للشرب يزداد يوميا أعداد مرضى الفشل الكلوي، بجانب عدم وجود مواد غذائية مما أثر على انتشار الأمراض والأوبئة وهو ما يعود بشكل سلبي على حياة المواطن الفلسطيني”.
ويؤكد المتحدث باسم وزارة الصحة، أن التهابات المسالك البولية منتشرة بشكل كبير بين المواطنين الفلسطينيين نتيجة تلوث المياه، ولا يوجد أدوية مضادات حيوية لمكافحة تلك الأمراض.
تعليقات