ممر الطاقة الخضراء في أوراسيا يعزز تحول الطاقة إقليميًا رغم التحديات (مقال)

ممر الطاقة الخضراء في أوراسيا يعزز تحول الطاقة إقليميًا رغم التحديات (مقال)

شكرا على متابعتكم خبر عن ممر الطاقة الخضراء في أوراسيا يعزز تحول الطاقة إقليميًا رغم التحديات (مقال)

اقرأ في هذا المقال

  • ممر الطاقة الخضراء بين أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان يهدف إلى توحيد أنظمة الطاقة في المنطقة
  • تعاون أذربيجان مع دول آسيا الوسطى يمثّل جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجية الطاقة لديها
  • المناقشات الأخيرة بين وزراء الطاقة بمنظمة الدول التركية ركّزت على ممرات الطاقة الخضراء
  • إعلان قره باغ يؤكد أهمية التعاون في مجال الطاقة بين الدول التركية

يسهم ممر الطاقة الخضراء بمنطقة أوراسيا في تعزيز تحول الطاقة إقليميًا رغم التحديات التقنية والتنظيمية وتقلبات الأسواق عالميًا.

بدورها، تحرز أذربيجان تقدمًا كبيرًا في تحولها إلى الطاقة النظيفة، إذ يؤدي ممر الطاقة بين أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان دورًا رئيسًا في ربط قازاخستان بأوروبا.

ويشكّل ممر الطاقة الخضراء محورًا أساسيًا لإستراتيجية أذربيجان الأوسع نطاقًا لوضع نفسها لاعبًا رئيسًا في سوق الطاقة المتجددة العالمية.

وبفضل خططها لتطوير 3.5 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية، و2 غيغاواط من طاقة الرياح البرية، و5 غيغاواط من الطاقة الشمسية، تعمل أذربيجان على تعزيز إسهامها في تحول الطاقة العالمي.

تصدير الطاقة المتجددة

يعمل ممر الطاقة الخضراء على تسهيل تصدير الطاقة المتجددة، وترسيخ دور أذربيجان بصفتها مركزًا أساسًا لنقل الطاقة، وتعزيز أمن الطاقة الإقليمية والاستدامة.

بالإضافة إلى ممر الطاقة الخضراء، تشارك أذربيجان في مبادرات أخرى كبرى للطاقة النظيفة.

توربينات الرياح في مزرعة أبشيرون خيزي بأذربيجان
توربينات الرياح في مزرعة أبشيرون خيزي بأذربيجان – المصدر: أرابيان غلف بيزنس إنسايت

وسينقل ممر الطاقة الخضراء بين بحر قزوين والبحر الأسود وأوروبا الطاقة المتجددة من أذربيجان وربما دول أخرى في آسيا الوسطى إلى أوروبا، ما يعزز دور البلاد في تحول الطاقة العالمي.

من ناحية ثانية، يهدف ممر الطاقة الخضراء بين أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان إلى توحيد أنظمة الكهرباء في هذه الدول، وإنشاء منصة لصادرات الطاقة المتجددة إلى أوروبا.

وسيعمل ممر الطاقة الخضراء بين أذربيجان وتركيا وأوروبا على تحسين الربط الكهربائي وتعزيز حلول الطاقة المستدامة بين أذربيجان وتركيا والقارة العجوز.

ويهدف ممر الطاقة في البحر الأسود، الذي يضم أذربيجان وجورجيا ورومانيا والمجر، إلى إنشاء خط تحت الماء بطول 1195 كيلومترًا لنقل ما يصل إلى 4 غيغاواط من الطاقة الخضراء عبر البحر الأسود.

وتشكّل هذه المشروعات جزءًا من إستراتيجية أذربيجان لتنويع صادرات الطاقة وتعزيز مكانتها موردةً رائدةً للطاقة النظيفة إلى أوروبا.

التعاون بين دول آسيا الوسطى

يمثّل تعاون أذربيجان مع دول آسيا الوسطى جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجية الطاقة لديها.

وركّزت المناقشات الأخيرة بين وزراء الطاقة بمنظمة الدول التركية على ممر الطاقة الخضراء، بما في ذلك تلك التي تربط أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان وتركيا.

وتهدف المبادرات إلى تعزيز التجارة والتكامل الإقليميين في مجال الطاقة، إذ يساعد الموقع الإستراتيجي لأذربيجان، بما في ذلك جمهورية نخجوان المتمتعة بالحكم الذاتي، في تسهيل تدفقات الطاقة بين هذه الدول.

وتسعى أذربيجان إلى تعزيز الشراكات مع قازاخستان وأوزبكستان من خلال اتفاقيات الطاقة المتجددة وتطوير الهيدروجين، على سبيل المثال، الاتفاقية الحكومية الدولية بشأن الشراكة الإستراتيجية لتطوير الطاقة الخضراء.

الطاقة الخضراء في أذربيجان

مع استمرار أعمال قمة المناخ كوب 29 في العاصمة باكو، تعمل أذربيجان على تعزيز التزامها بالطاقة الخضراء على الساحة العالمية.

وتتوافق مبادراتها في مجال الطاقة النظيفة مع الرؤية الأوسع لمنظمة الدول التركية، حسبما ورد في إعلان كاراباخ، الذي يؤكد أهمية التعاون في مجال الطاقة بين الدول التركية.

رؤساء وفود الدول المشاركة بقمة المناخ كوب 29 في العاصمة الأذربيجانية باكو – المصدر: أذرتاج
رؤساء وفود الدول المشاركة بقمّة المناخ كوب 29 في العاصمة الأذربيجانية باكو – المصدر: أذرتاج

وتسهم جهود أذربيجان في تحقيق أهدافها المناخية الرامية إلى خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 35% بحلول عام 2030، و40% بحلول عام 2050.

ومن خلال التحول إلى الطاقة النظيفة، تعمل أذربيجان على تأمين مكانتها مصدرًا رئيسًا للطاقة إلى أوروبا، وتسهم بشكل كبير بالتحول العالمي في مجال الطاقة.

تحديات تطوير ممر الطاقة الخضراء

يواجه التطوير الناجح لممر الطاقة الخضراء بين أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان العديد من التحديات الكبيرة، على سبيل الثمال، التعامل مع عملية تحديد الموقع والحصول على التراخيص.

ونظرًا لأن المشروع يمتد عبر دول متعددة، ولكل منها إطار تنظيمي مميز، فإن الحصول على موافقة جميع الحكومات تُعدّ أمرًا ضروريًا.

إضافة إلى ذلك، فإن الاعتراضات المحلية، خصوصًا بسبب المخاوف بشأن التأثير البيئي أو التغيرات في قيم الممتلكات، يمكن أن تبطئ التقدم، تحديدًا، في المناطق الحساسة أو المكتظة بالسكان، حيث يمكن للمعارضة العامة أن تؤثّر في الجداول الزمنية للمشروع.

ويكمن التحدي الآخر في الحاجة إلى التخطيط والتنسيق الشامل بين المناطق، لأن الدول المعنية لديها أولويات طاقة مختلفة ومعايير تنظيمية وأنظمة شبكات، ما يعقّد عملية دمج شبكات النقل.

من جهة ثانية، فإن الافتقار إلى البنية الأساسية الموحدة عبر هذه المناطق يجعل تنسيق الموارد وتوزيع التكاليف بين الدول أمرًا بالغ الأهمية.

وسيكون إنشاء هيكل حوكمة تعاوني أمرًا ضروريًا للتوفيق بين المصالح الوطنية وضمان العمليات السلسة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالتقاسم العادل لموارد الطاقة المتجددة والفوائد المرتبطة بها.

وتمثّل توسعة البنية الأساسية قضية بالغة الأهمية، حيث قد تحتاج قدرة النقل في بعض المناطق إلى الزيادة بنسبة تصل إلى 414% بحلول عام 2035، لاستيعاب مصادر الطاقة المتجددة بفعالية.

في المقابل، سيؤدي تطوير تقنيات تخزين الكهرباء لدعم الطاقة المتجددة المتقطعة مثل الرياح والطاقة الشمسية إلى تكاليف كبيرة وتعقيدات عديدة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن المخاطر السياسية -مثل التبدلات في القيادة أو التغييرات في العلاقات الدولية- قد تخلق المزيد من التأخير.

سيكون تعزيز الشراكات السياسية والاقتصادية الإقليمية أمرًا أساسيًا لإدارة هذه المخاطر وضمان نجاح المشروع.

وأخيرًا، ما يزال تأمين التمويل الكافي يشكّل تحديًا كبيرًا، بالنظر إلى أن الضبابية الاقتصادية المحيط بمشروعات البنية الأساسية للطاقة المتجددة وأوقات الاسترداد الطويلة المحتملة تتطلب حلولًا مالية مبتكرة.

من ناحيتها، ستؤدي المؤسسات المالية الدولية والمستثمرين من القطاع الخاص والشراكات بين القطاعين العام والخاص دورًا حيويًا في تمويل تطوير الممر.

ويتطلب جذب الاستثمار المستدام أن يتمتع المشروع بمزايا بيئية واقتصادية واضحة، ما يضمن جدواه على المدى الطويل، حتى في ظل ظروف السوق المتقلبة.

محطة
محطة “ساهيل” للطاقة الشمسية في منطقة قاراداغ – المصدر: وكالة الطاقة المتجددة في أذربيجان

إستراتيجيات معالجة ازدحام الشبكة

بالاستفادة من المبادرات الأميركية الناجحة، مثل “مشروع آرت باث كونكت” Art Path Connect في نيويورك، يمكن تكييف الحلول لإدارة ازدحام الشبكة مع ممر الطاقة الخضراء في أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان.

على صعيد آخر، ستكون ترقيات المشروع، مثل تعزيز سعة النقل وتحسين مرونة الشبكة، حيوية لدمج الطاقة المتجددة والحفاظ على خدمة موثوقة مع نمو الطلب على الكهرباء.

وتوفر طاقة الرياح البحرية، خصوصًا في المناطق الساحلية، فوائد إضافية من خلال تعزيز استقرار الشبكة وتقليل الحاجة إلى البنية التحتية البرية باهظة الثمن.

لذلك، سيكون التخطيط المنسّق للنقل أمرًا بالغ الأهمية لدمج الموارد المتجددة، والحدّ من التأثيرات البيئية والمالية.

ويمكن للحوافز المالية والتخطيط التعاوني، مثل تخصيصات ممر نقل الكهرباء للمصلحة الوطنية NIETC التابع لوزارة الطاقة في الولايات المتحدة، أن تدعم المطورين في ربط مشروعات الطاقة المتجددة بالشبكة، ما يخفف من ازدحام الشبكة في ممر الطاقة النظيفة الشمالي.

تكامل الطاقة النظيفة

سوف يعمل ممر الطاقة الخضراء بين أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان على زيادة سعة النقل بين المناطق، ما يجعل من السهل تدفُّق الطاقة المتجددة بكفاءة لمسافات طويلة.

ومن الضروري زيادة سعة النقل بنسبة 414% بحلول عام 2035، لاستيعاب توليد الكهرباء في المستقبل وتلبية الطلب المتزايد.

ومن خلال تعزيز كفاءة الشبكة، سيعمل الممر على تقليل الاختناقات وانعدام الكفاءة، وضمان إمدادات الطاقة الموثوقة والحدّ من الانبعاثات.

الخلاصة

يُعدّ ممر الطاقة الخضراء بين أذربيجان وقازاخستان وأوزبكستان مبادرة طموحة تضع أذربيجان في طليعة تحول الطاقة العالمي.

وبصفته مشروعًا يهدف إلى تحسين أمن الطاقة، وتعزيز الاستدامة البيئية والتعاون الإقليمي، فقد تكون آثاره الأوسع نطاقًا أكثر تعقيدًا.

ومن خلال ربط قازاخستان بأوروبا عبر أذربيجان، من المتوقع أن يعزز الممر الأهمية الإستراتيجية لأذربيجان بصفته مركزًا رئيسًا لنقل الطاقة في منطقة أوراسيا، وأن يحقق فوائد اقتصادية كبيرة، رغم أن الأسئلة الحرجة ما تزال قائمة حول أهدافه العميقة والمستفيدين النهائيين.

ويواجه هذا المسعى عقبات كبيرة، بما في ذلك التعامل مع اللوائح التنظيمية المعقّدة، ومعالجة احتياجات البنية الأساسية الكبيرة، وإدارة العلاقات السياسية الحساسة بين البلدان المشاركة.

رغم ذلك، يمكن للتغلب على هذه التحديات أن يجعل أذربيجان رائدة في قطاع الطاقة المتجددة.

وفي الوقت نفسه، فإن هذا يدعو إلى التأكد من أن المشروع يعمل مسارًا لمستقبل مستدام للطاقة لأوروبا والمنطقة، أم أنه خطوة مدروسة لتعزيز القوة الجيوسياسية والنفوذ الاقتصادي تحت راية تقدّم الطاقة الخضراء.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001“.

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

كاتب وصحفي مصري يتمتع بخبرة تفوق 10 سنوات في إعداد المقالات والتحقيقات الصحفية المتخصصة في القضايا الاجتماعية والسياسية. يشتهر بأسلوبه الواضح والدقيق وقدرته على تغطية الأخبار بتوازن.