تُظهر التقارير أن 73% من الأسر الفقيرة تضطر إلى دفع أطفالها للعمل بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.
شهدت مدينة إدكو بمحافظة البحيرة، اليوم الأربعاء، حادثًا مأساويًا راح ضحيته الطفل عمر علاء سنيور، البالغ من العمر 12 عامًا، خلال عمله في ورشة سمكرة سيارات، إذ تعرض الطفل لسقوط “عفشة” سيارة فوقه، ما أدى إلى وفاته في الحال.
تم نقل جثمان الطفل إلى مستشفى إدكو المركزي تحت تصرف النيابة العامة، التي باشرت التحقيق في الواقعة، بينما عمّ الحزن والأسى على أسرة عمر، التي فقدت ابنها في ظروف مأساوية، حيث كان يعمل في ظروف غير آمنة.
عمالة الأطفال في مصر.. الواقع المؤلم بالأرقام
الحادث يعكس واقعًا أليمًا لعمالة الأطفال في مصر، حيث تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى وجود نحو 1.6 مليون طفل عامل، يشكلون 9.3% من إجمالي الأطفال في الفئة العمرية من 5 إلى 17 عامًا، بواقع 83% من الأطفال العاملين ذكور، بينما تشكل الإناث 17%.
أعمال خطرة
وتشير البيانات إلى أن أكثر من نصف الأطفال العاملين 54% يمارسون أعمالًا تصنف على أنها خطرة، تشمل الزراعة والصناعات اليدوية والبناء.
الأسباب الاقتصادية
تُظهر التقارير أن 73% من الأسر الفقيرة تضطر إلى دفع أطفالها للعمل بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.
القوانين المنظمة لعمالة الأطفال.. جهود حبر على ورق؟
ورغم وجود قوانين صارمة تهدف إلى حماية الأطفال من العمل المبكر، فإن حوادث مثل وفاة عمر علاء تكشف عن فجوات في التطبيق والرقابة.
ووفقًا لقانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003، فقد حدد السن القانونية للعمل، إذ يحظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم سن 14 عامًا أو قبل إنهاء مرحلة التعليم الأساسي، كما أنه لا يجوز تشغيل الأطفال لأكثر من 6 ساعات يوميًا، ويجب أن تتخللها ساعة للراحة والطعام، كما يُحظر تشغيل الأطفال في المهن الخطرة التي تهدد صحتهم أو سلامتهم.
الجهود المبذولة لمواجهة الظاهرة
تبذل الدولة جهودًا للحد من ظاهرة عمالة الأطفال، مثل إطلاق مبادرات حكومية وبرامج لتعزيز التعليم كبديل للعمل، ومن بين هذه المبادرات، “مبادرة حماية الأطفال العاملين” وبرنامج “التعليم لمكافحة عمالة الأطفال”، ورغم هذه الجهود، لا تزال الأوضاع الاقتصادية وغياب الرقابة الكافية عائقًا أمام القضاء على الظاهرة.
وفاة عمر علاء ليست حادثة فردية، بل جرس إنذار يسلط الضوء على الخطر الذي يهدد ملايين الأطفال في مصر، وحماية الأطفال من العمل المبكر ليست مجرد مسؤولية قانونية، بل واجب إنساني وأخلاقي، ومن الضروري أن تتضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني لتفعيل القوانين القائمة، وتوفير الدعم اللازم للأسر التي تدفع بأطفالها إلى سوق العمل، حتى لا نفقد مزيدًا من الطفولة تحت وطأة الظروف الاقتصادية القاسية.
الأطفال هم أمل المستقبل، وحقهم الطبيعي أن يعيشوا طفولتهم بأمان وسعادة، لا أن يُدفعوا إلى مخاطر العمل في سن مبكرة، مأساة عمر يجب أن تكون حافزًا لإعادة النظر في السياسات وتطبيق القوانين بصرامة، لحماية حق الأطفال في الحياة والتعليم.