مقال : محمد عبدالله المارم

مقال : محمد عبدالله المارم

شكرا لمتابعتكم خبر عن مقال : محمد عبدالله المارم

بقلوب يملأها الحزن والأسى، ودعت اليوم قبائل لقموش وحمير أحد أعمدتها الراسخة وأحد كبار شيوخها، الشيخ علي محمد الصاملي القميشي، الذي انتقل إلى جوار ربه عن عمر ناهز الستين عامًا بعد معاناة قصيرة مع المرض. رحيله ترك فراغًا كبيرًا وجرحًا عميقًا في قلوب من عرفوه وأحبوه، وخلّف ذكرى لا تُنسى لأثره العميق في نفوس الجميع. كان الشيخ علي رمزًا للوفاء والعطاء، وصوتًا للحكمة في زمن التحديات. عُرف بجهوده الدؤوبة في تعزيز السلم الاجتماعي ولمّ الشمل، حيث كان مثالًا حيًا للتسامح والإيثار، وقلبه الكبير احتضن الجميع بمحبة صادقة ومودة لا حدود لها

كان للشيخ علي دورٌ بارز في إصلاح ذات البين، ولم يتردد في بذل كل جهده لحل الخلافات التي نشبت بين القبائل، باذلًا كل ما بوسعه لتقريب وجهات النظر وإعادة السلام بين المختلفين. لقد كان بارعًا في تهدئة النفوس، وحلّ العديد من القضايا القبلية الشائكة، حيث كان يسعى دائمًا لحل القضايا بالحكمة والصبر، ومثل بذلك مصدراً للأمان والاستقرار لكل من لجأ إليه.

في حياته، ساهم الشيخ علي في إنهاء العديد من المشاكل النزاعات، سواء كانت صغيرة أم كبيرة، ولم يكن يعتبر أي مشكلة صعبة الحل، بل كان يستعين بخبرته وشخصيته الرصينة لإيجاد الحلول المناسبة. كانت وساطته في حل المشاكل بين الناس محط احترام الجميع، إذ استطاع بكلماته الصادقة ورؤيته العميقة أن ينزع فتيل النزاعات، ويعيد الثقة والود بين أفراد القبائل.

لقد كان الشيخ علي مثالاً للرجل الحكيم، الذي يتمتع بنفَس طويل في معالجة المشاكل، وكان يُعرف بقدرته على اتخاذ القرارات الصائبة التي تُرضي الجميع. إن دوره في إصلاح ذات البين وحل الكثير من النزاعات القبلية كان له أثر كبير في توطيد أواصر المحبة بين أفراد القبائل، فهو لم يكن مجرد وسيط، بل كان رجل سلام بمعنى الكلمة، مخلصاً في خدمة قضايا الناس، مما جعله يحظى بتقدير كبير من الجميع.

رحيل الشيخ علي ليس مجرد فقدٍ لرجل، بل هو فقدٌ لقيم عظيمة، وأخلاق سامية نادرة. غيابه سيظل مؤلمًا، لأن وجوده كان يعطي الأمان للجميع، وقربه من الناس كان يعكس محبة صادقة، تجعل منه جزءاً من حياة كل من عرفه. لم يكن غريباً أن يحمل له الناس أعمق مشاعر التقدير، فقد كان يشاركهم أفراحهم وأحزانهم، ويقف إلى جانبهم كأنهم عائلته، مخلدًا بذلك ذكراه في قلوبهم.

وأنا إذ أعزي نفسي أولاً، أتقدم بخالص التعازي لأبنائه وإخوانه وأفراد قبيلة آل وبار ولقموش وحمير كافة والمجتمع الشبواني بكافة أطيافه ولا يسعنا إلا أن ندعو الله أن يمنحهم القوة والصبر، وأن يخفف عنهم وطأة هذا المصاب الجلل، وأن يجزي فقيدنا خير الجزاء على كل ما قدمه من بذلٍ وجهد لرفعة القبيلة وسعادة أبنائها.

اننا ونحن نودع الشيخ علي محمد الصاملي القميشي، نؤكد أن قيمه ومبادئه السامية يجب أن تظل منارة نهتدي بها جميعًا. ندعو أبناء قبيلته والمجتمع الشبواني بأسره إلى استلهام نهجه في التسامح والإصلاح والعمل على لمّ الشمل ونبذ الفرقة. إن استمرارية هذه القيم التي كرّس حياته من أجلها هي أعظم تكريم لذكراه، وأفضل وسيلة لتخليد إرثه العظيم الذي سيبقى حاضرًا في قلوبنا وأفعالنا

نسأل الله العلي القدير أن يتغمد الشيخ علي الصاملي بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجعل كل ما قدمه في حياته شفيعاً له يوم الدين. فإن ذكراه العطرة وأفعاله الطيبة ستظل تضيء قلوبنا وتلهمنا لمواصلة الطريق على نهجه، مستلهمين منه الإخلاص والمحبة، داعين الله أن يتقبله بواسع رحمته. إنا لله وإنا إليه راجعون.

كاتب وصحفي مصري يتمتع بخبرة تفوق 10 سنوات في إعداد المقالات والتحقيقات الصحفية المتخصصة في القضايا الاجتماعية والسياسية. يشتهر بأسلوبه الواضح والدقيق وقدرته على تغطية الأخبار بتوازن.